للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: مَا اقْتَضَى عَقْدُ الذِّمَّةِ مَنْعَهُ مِنْهَا أَوْ مِنْ إِظْهَارِهَا.

فَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى أَصْلِ أَحْمَدَ أَنْ يُؤَاجِرَ أَوْ يُبَايِعَ إِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ كَالْمُسْلِمِ وَأَوْلَى.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فَعَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى: يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ ; لِأَنَّا قَدْ أَقْرَرْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِعَانَتُهُ عَلَى سُكْنَى هَذِهِ الدَّارِ كَإِعَانَتِهِ عَلَى سُكْنَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَلَوْ كَانَ هَذَا مِنَ الْإِعَانَةِ الْمُحَرَّمَةِ لَمَا جَازَ إِقْرَارُهُ بِالْجِزْيَةِ وَإِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ إِعَانَةٌ مِنْ غَيْرِ مَصْلَحَةٍ لِإِمْكَانِ بَيْعِهَا مِنْ مُسْلِمٍ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالْجِزْيَةِ فَإِنَّهُ جَازَ لِأَجْلِ الْمَصْلَحَةِ، وَعَلَى مَا قَالَهُ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ ; لِأَنَّهُ إِعَانَةٌ عَلَى مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ مِنْ غَيْرِ مَصْلَحَةٍ تُقَابِلُ هَذِهِ الْمَفْسَدَةَ، فَلَمْ يَجُزْ بِخِلَافِ إِسْكَانِهِمْ دَارَ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ فِيهِ مِنَ الْمَصَالِحِ مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَوَائِدِ إِقْرَارِهِمْ بِالْجِزْيَةِ.

[فَصْلٌ الْكُفَّارُ مَمْنُوعُونَ مِنَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى أَمْلَاكِ الْمُسْلِمِينَ]

١١٠ - فَصْلٌ

[الْكُفَّارُ مَمْنُوعُونَ مِنَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى أَمْلَاكِ الْمُسْلِمِينَ]

وَحَقِيقَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْكُفَّارَ مَمْنُوعُونَ مِنَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى مَا ثَبَتَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ حَقٌّ مِنْ عَقَارٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ زَوْجَةٍ مُسْلِمَةٍ أَوْ إِحْيَاءِ مَوَاتٍ أَوْ تَمَلُّكٍ بِشُفْعَةٍ مِنْ مُسْلِمٍ ; لِأَنَّ مَقْصُودَ الدَّعْوَةِ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، وَإِنَّمَا أَقَرُّوا بِالْجِزْيَةِ لِلضَّرُورَةِ الْعَارِضَةِ، وَالْحُكْمُ الْمُقَيَّدُ بِالضَّرُورَةِ مُقَدَّرٌ بِقَدْرِهَا، وَلِهَذَا لَمْ يَثْبُتْ عَنْ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ لَهُمْ حَقُّ شُفْعَةٍ عَلَى مُسْلِمٍ، وَأَخَذَ بِذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَهِيَ مِنْ مُفْرَدَاتِهِ الَّتِي بَرَزَ بِهَا عَلَى الثَّلَاثَةِ ; لِأَنَّ الشِّقْصَ يَمْلِكُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>