للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَطْنِ أُمِّهِ؟ !

وَهَذَا قَوْلٌ تَكْثُرُ الدَّلَائِلُ عَلَى بُطْلَانِهِ، وَإِنَّمَا أَشَرْنَا إِلَى ذَلِكَ إِشَارَةً.

[فَصْلٌ الْفِطْرَةُ خُلُوُّ الْقَلْبِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ]

١٩٠ - فَصْلٌ

[الْفِطْرَةُ خُلُوُّ الْقَلْبِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ.]

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: لَمْ يُرِدْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذِكْرِ الْفِطْرَةِ هَاهُنَا كُفْرًا، وَلَا إِيمَانًا، وَلَا مَعْرِفَةً، وَلَا إِنْكَارًا، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى السَّلَامَةِ خِلْقَةً وَطَبْعًا، وَبِنْيَةً، وَلَيْسَ مَعَهُ كُفْرٌ، وَلَا إِيمَانٌ، وَلَا مَعْرِفَةٌ، وَلَا إِنْكَارٌ، ثُمَّ يَعْتَقِدُ الْكُفْرَ أَوِ الْإِيمَانَ بَعْدَ الْبُلُوغِ.

وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: " «كَمَا تُنْتِجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ " - يَعْنِي سَالِمَةً - " هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ» " يَعْنِي مَقْطُوعَةَ الْأُذُنِ، فَمَثَّلَ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ بِالْبَهَائِمِ، لِأَنَّهَا تُولَدُ كَامِلَةَ الْخَلْقِ لَا يُتَبَيَّنُ فِيهَا نُقْصَانٌ، ثُمَّ تُقْطَعُ آذَانُهَا بَعْدَ وَأُنُوفِهَا، فَيُقَالُ: هَذِهِ بِحَائِرُ، وَهَذِهِ سَوَائِبُ، يَقُولُ: فَكَذَلِكَ قُلُوبُ الْأَطْفَالِ فِي حِينِ وِلَادَتِهِمْ لَيْسَ لَهُمْ كُفْرٌ حِينَئِذٍ، وَلَا إِيمَانٌ، وَلَا مَعْرِفَةٌ، وَلَا إِنْكَارٌ، كَالْبَهَائِمِ السَّالِمَةِ، فَلَمَّا بَلَغُوا اسْتَهْوَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ، فَكَفَّرُوا أَكْثَرَهُمْ، وَعَصَمَ اللَّهُ أَقَلَّهُمْ.

قَالُوا: وَلَوْ كَانَ الْأَطْفَالُ قَدْ فُطِرُوا عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْكُفْرِ أَوِ الْإِيمَانِ فِي أَوَّلِيَّةِ أَمْرِهِمْ مَا انْتَقَلُوا عَنْهُ أَبَدًا، وَقَدْ نَجِدُهُمْ يُؤْمِنُونَ، ثُمَّ يَكْفُرُونَ، وَيَكْفُرُونَ، ثُمَّ يُؤْمِنُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>