للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ الطِّفْلُ فِي حَالِ وِلَادَتِهِ يَعْقِلُ كُفْرًا، أَوْ إِيمَانًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَخْرَجَهُ فِي حَالٍ مَا يَفْقَهُ فِيهَا شَيْئًا، قَالَ تَعَالَى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل: ٧٨] ، فَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا اسْتَحَالَ مِنْهُ كُفْرٌ، أَوْ إِيمَانٌ، أَوْ مَعْرِفَةٌ، أَوْ إِنْكَارٌ.

قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ مَا قِيلَ فِي مَعْنَى الْفِطْرَةِ الَّتِي يُولَدُ الْوِلْدَانُ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْفِطْرَةَ السَّلَامَةُ وَالِاسْتِقَامَةُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ: " «إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ» " يَعْنِي عَلَى اسْتِقَامَةٍ وَسَلَامَةٍ، وَكَأَنَّهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَرَادَ الَّذِينَ خَلُصُوا مِنَ الْآفَاتِ كُلِّهَا، وَالْمَعَاصِي، وَالطَّاعَاتِ، فَلَا طَاعَةَ مِنْهُمْ، وَلَا مَعْصِيَةَ إِذْ لَمْ يَعْمَلُوا بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.

وَمِنَ الْحُجَّةِ أَيْضًا فِي هَذَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور: ١٦] ، وَ: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: ٣٨] ، وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ وَقْتَ الْعَمَلِ لَمْ يَرِثْهُنَّ بِشَيْءٍ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥] .

<<  <  ج: ص:  >  >>