للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانُوا لَا يَعْتَقِدُونَهُ كُلَّ سَنَةٍ كَمَا اكْتَسَبُوهُ بِعُقُودٍ أَوْ مَوَارِيثَ أَوْ أَسْبَابٍ مِنْ هِبَاتٍ وَوَصَايَا - فَغَيْرُهَا لَا يَجُوزُ فِي شَرْعِنَا - وَعَامَلُونَا بِهِ أَوْ قَضَوْنَا إِيَّاهُ مِمَّا لَنَا عَلَيْهِمْ، سَاغَ لَنَا أَخْذُهُ وَإِنْ لَمْ يُسَوَّغْ فِي شَرْعِنَا تِلْكَ الْأَسْبَابُ الَّتِي حَدَّهَا، كَمَا تَأْخُذُ الْمَرْأَةُ مِنْ مَهْرٍ فِي عَقْدِ نِكَاحٍ لَا نُجِيزُهُ نَحْنُ وَهُمْ يَعْتَقِدُونَهُ نِكَاحًا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا سَرَقُوهُ أَوْ غَصَبُوهُ أَوِ اكْتَسَبُوهُ بِوَجْهٍ يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ كَالرِّبَا، فَإِنَّهُ حَرَامُ عَلَيْهِمْ بِنَصِّ التَّوْرَاةِ.

وَأَمَّا مَا مَنَعَهُ الْخَلِيفَتَانِ فَهُوَ فَرْضُ الْعُشْرِ عَلَى نَفْسِ الْخَمْرِ وَالْخَنَازِيرِ إِذَا اتَّجَرُوا فِيهَا، فَهَذَا غَيْرُ أَخْذِ أَثْمَانِهَا مِنْهُمْ إِذَا كَانَ لَنَا عَلَيْهِمْ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.

فَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْ جِهَةِ الْخَمْرِ وَالْخَنَازِيرِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ الْجِزْيَةِ وَالدَّيْنِ وَالدِّيَةِ وَغَيْرِهَا - ظَاهِرٌ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[فصل أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَحِلُّ ذَبَائِحِهِمْ وَمُنَاكَحَتِهِمْ]

٢٥ - فَصْلٌ. وَأَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَحِلُّ ذَبَائِحِهِمْ وَمُنَاكَحَتِهِمْ مُرَتَّبٌ عَلَى أَدْيَانِهِمْ لَا عَلَى أَنْسَابِهِمْ، فَلَا يُكْشَفُ عَنْ آبَائِهِمْ هَلْ دَخَلُوا فِي الدِّينِ قَبْلَ الْمَبْعَثِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَا قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ وَلَا بَعْدَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَقَرَّهُمْ بِالْجِزْيَةِ وَلَمْ يَشْرُطْ ذَلِكَ، وَأَبَاحَ لَنَا ذَبَائِحَهُمْ وَأَطْعِمَتَهُمْ وَلَمْ يَشْرُطْ ذَلِكَ فِي حِلِّهَا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ دَخَلَ فِي دِينِهِمْ بَعْدَ تَبْدِيلِهِ وَنَسْخِهِ، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الْأَنْصَارِ تَنْذُرُ إِنْ عَاشَ لَهَا وَلَدٌ أَنْ تُهَوِّدَهُ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَرَادُوا مَنْعَ أَوْلَادِهِمْ مِنَ الْمُقَامِ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ وَإِلْزَامَهُمْ بِالْإِسْلَامِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>