[فَصْلٌ إِذَا نَقَضُوا مَا شَرَطُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ نُقِضَ عَهْدُهُمْ]
٢٦٢ - فَصْلٌ
[إِذَا نَقَضُوا مَا شَرَطُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ نُقِضَ عَهْدُهُمْ]
قَالُوا: " ضَمِنَّا لَكَ ذَلِكَ عَلَى أَنْفُسِنَا وَذَرَارِيِّنَا وَأَزْوَاجِنَا وَمَسَاكِينِنَا، وَإِنْ نَحْنُ غَيَّرْنَا أَوْ خَالَفْنَا عَمَّا شَرَطْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَقَبِلْنَا الْأَمَانَ عَلَيْهِ فَلَا ذِمَّةَ لَنَا، وَقَدْ حَلَّ لَكَ مِنَّا مَا يَحِلُّ لِأَهْلِ الْمُعَانَدَةِ وَالشِّقَاقِ ".
هَذَا اللَّفْظُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمْ مَتَى خَالَفُوا شَيْئًا مِمَّا عُوهِدُوا عَلَيْهِ انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ.
قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ، فَإِنَّ الدَّمَ مُبَاحٌ بِدُونِ الْعَهْدِ، وَالْعَهْدُ عَقْدٌ مِنَ الْعُقُودِ، فَإِذَا لَمْ يَفِ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِمَا عَاقَدَ عَلَيْهِ فَإِمَّا أَنْ يَنْفَسِخَ الْعَقْدُ بِذَلِكَ أَوْ يَتَمَكَّنَ الْعَاقِدُ الْآخَرُ مِنْ فَسْخِهِ، هَذَا أَصْلٌ مُقَرَّرٌ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ [وَالْهِبَةِ] وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْعُقُودِ، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ ظَاهِرَةٌ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا [الْتَزَمَ مَا] الْتَزَمَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَلْتَزِمَ الْآخَرُ بِمَا الْتَزَمَهُ، فَإِذَا لَمْ [يَلْتَزِمْ] لَهُ الْآخَرُ صَارَ هَذَا غَيْرَ مُلْتَزِمٍ، فَإِنَّ الْحُكْمَ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ لَا يَثْبُتُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ عَدَمِهِ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي ثُبُوتِ مِثْلِهِ.
إِذَا تَبَيَّنَ هَذَا فَإِنْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ حَقًّا لِلْعَاقِدِ بِحَيْثُ لَهُ أَنْ يَبْذُلَهُ بِدُونِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute