[فصل نرجع إِلَى الْكَلَامِ فِي أَحْكَامِ الْجِزْيَةِ]
٣ - فَصْلٌ
فَلْنَرْجِعْ إِلَى الْكَلَامِ فِي أَحْكَامِ الْجِزْيَةِ.
قَالَ تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] .
فَالْجِزْيَةُ هِيَ الْخَرَاجُ الْمَضْرُوبُ عَلَى رُءُوسِ الْكُفَّارِ إِذْلَالًا وَصَغَارًا وَالْمَعْنَى: حَتَّى يُعْطُوا الْخَرَاجَ عَنْ رِقَابِهِمْ.
وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِقَاقِهَا، فَقَالَ الْقَاضِي فِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ ": اسْمُهَا مُشْتَقٌّ مِنَ الْجَزَاءِ إِمَّا جَزَاءً عَلَى كُفْرِهِمْ لِأَخْذِهَا مِنْهُمْ صَغَارًا، أَوْ جَزَاءً عَلَى أَمَانِنَا لَهُمْ لِأَخْذِهَا مِنْهُمْ رِفْقًا.
قَالَ صَاحِبُ " الْمُغْنِي ": هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ جَزَاهُ بِمَعْنَى قَضَاهُ لِقَوْلِهِ: {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: ٤٨] ، فَتَكُونُ الْجِزْيَةُ مِثْلَ الْفِدْيَةِ.
قَالَ شَيْخُنَا: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى أَنَّهَا عُقُوبَةٌ أَوْ أُجْرَةٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: عَنْ يَدٍ، فَهُوَ فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ عَلَى الْحَالِ: أَيْ يُعْطُوهَا أَذِلَّاءَ مَقْهُورِينَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْآيَةِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمَعْنَى مِنْ يَدٍ إِلَى يَدٍ نَقْدًا غَيْرَ نَسِيئَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute