للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَانِعِ.

وَأَيْضًا، فَالْإِقْرَارُ بِالصَّانِعِ بِدُونِ عِبَادَتِهِ، وَالْمَحَبَّةِ لَهُ، وَإِخْلَاصِ الدِّينِ لَهُ لَا يَكُونُ نَافِعًا، بَلِ الْإِقْرَارُ مَعَ الْبُغْضِ أَعْظَمُ اسْتِحْقَاقًا لِلْعَذَابِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي الْفِطْرَةِ مُقْتَضٍ لِلْعِلْمِ وَمُقْتَضٍ لِلْمَحَبَّةِ، وَالْمَحَبَّةُ مَشْرُوطَةٌ بِالْعِلْمِ: فَإِنَّ مَا لَا يَشْعُرُ بِهِ الْإِنْسَانُ لَا يُحِبُّهُ، وَمَحَبَّةُ الْأَشْيَاءِ الْمَحْبُوبَةِ لَا تَكُونُ بِسَبَبٍ مِنْ خَارِجُ بَلْ هُوَ أَمْرٌ جِبِلِّيٌّ فِطْرِيٌّ، وَإِذَا كَانَتِ الْمَحَبَّةُ فِطْرِيَّةٌ فَالشُّعُورُ فِطْرِيٌّ، وَلَوْ لَمْ تَكُنِ الْمَحَبَّةُ فِطْرِيَّةً لَكَانَتِ النَّفْسُ قَابِلَةً لَهَا وَلِضِدِّهَا عَلَى السَّوَاءِ، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ: فَعُلِمَ أَنَّ الْحَنِيفِيَّةَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْفِطْرَةِ وَمُقْتَضَيَاتِهَا، وَالْحُبَّ لِلَّهِ، وَالْخُضُوعَ لَهُ، وَالْإِخْلَاصَ هُوَ أَصْلُ الْأَعْمَالِ الْحَنِيفِيَّةِ، وَذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْإِقْرَارِ، وَالْمَعْرِفَةِ، وَلَازِمُ اللَّازِمِ لَازِمٌ، وَمَلْزُومُ الْمَلْزُومِ مَلْزُومٌ، فَعُلِمَ أَنَّ الْفِطْرَةَ مَلْزُومَةٌ لِهَذِهِ الْأَحْوَالِ، وَهَذِهِ الْأَحْوَالَ لَازِمَةٌ لَهَا، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

[فَصْلٌ فِي تَلْخِيصِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي حَكَيْنَاهَا]

فَمِنْهَا قَوْلَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَهُمَا:

[الْأَوَّلُ:] قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: وُلِدُوا عَلَى مَا سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>