وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَرْضُ الْعُشْرِ، الرَّجُلُ يُسْلِمُ وَفِي يَدِهِ أَرْضٌ فَهُوَ عُشْرٌ مِثْلَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: " «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ خَرَاجُ الْأَرْضِ» " فَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنْ يُسْلِمَ عَلَى أَرْضِهِ الَّتِي كَانَتْ بِيَدِهِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ خَرَاجٍ ; لِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ غَيْرُ الْعُشْرِ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُ يُسْلِمُ وَفِي يَدِهِ أَرْضٌ خَرَاجِيَّةٌ فَتَحَهَا الْإِمَامُ عَنْوَةً، فَهَذِهِ لَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ بِإِسْلَامِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ.
[النَّوْعُ الثَّالِثُ مَا مُلِكَ عَنِ الْكُفَّارِ عَنْوَةً وَقَهْرًا]
٣٨ - فَصْلٌ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: مَا مُلِكَ عَنِ الْكُفَّارِ عَنْوَةً وَقَهْرًا فَهَذِهِ فِيهَا رِوَايَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنَّهَا تَكُونُ غَنِيمَةً تُقَسَّمُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ كَالْمَنْقُولِ وَتَكُونُ أَرْضَ عُشْرٍ لَا خَرَاجَ عَلَيْهَا كَمَا أَحْيَاهُ الْمُسْلِمُونَ.
الثَّانِيَةُ: أَنَّ الْإِمَامَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ قَسَّمَهَا وَكَانَتْ كَذَلِكَ عُشْرِيَّةً غَيْرَ خَرَاجِيَّةٍ، وَإِنْ شَاءَ وَقَفَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيَضْرِبُ عَلَيْهِ خَرَاجًا، يَكُونُ كَالْأُجْرَةِ لَهَا غَيْرَ مُقَدَّرِ الْمُدَّةِ بَلْ إِلَى الْأَبَدِ، فَهَذِهِ عُشْرِيَّةٌ خَرَاجِيَّةٌ.
فَإِنِ اسْتَمَرَّتْ فِي يَدِ الْكُفَّارِ فَفِيهَا الْخَرَاجُ زَرَعُوهَا أَوْ لَمْ يَزْرَعُوهَا وَلَا عُشْرَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ أَسْلَمُوا لَمْ يُسْقِطِ الْإِسْلَامُ خَرَاجَهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ فِيهَا الْعُشْرُ فَيَجْتَمِعُ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، الْعُشْرِ عَلَى الْمُغَلِّ وَالْخَرَاجِ عَلَى رَقَبَةِ الْأَرْضِ، هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute