للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ طُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا، وَلَوْ عَاشَ لَأَرْهَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَانًا وَكُفْرًا "، فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ قُضِيَ عَلَيْهِ وَقُدِّرَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَكُونُ كَافِرًا، فَهِيَ حَالٌ مُقَدَّرَةٌ كَقَوْلِهِ: {فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا} [النحل: ٢٩] ، وَقَوْلِهِ: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا} [الصافات: ١١٢] ، وَنَظَائِرِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ: أَنَّ كُفْرَهُ كَانَ مَوْجُودًا بِالْفِعْلِ مَعَهُ حَتَّى طُبِعَ، كَمَا يُقَالُ: وُلِدَ مَلِكًا، وَوُلِدَ عَالِمًا، وَوُلِدَ جَبَّارًا وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ " الطَّبْعَ " الْمَذْكُورَ فِي الْحَدِيثِ هُوَ " الطَّبْعُ " فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [النحل: ١٠٨] ، فَقَدْ غَلِطَ غَلَطًا ظَاهِرًا، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُقَالُ فِيهِ: طُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ فَإِنَّ الطَّبْعَ عَلَى الْقَلْبِ إِنَّمَا يُوجَدُ بَعْدَ كُفْرِهِ.

[فَصْلٌ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِطْرَةِ الدِّينُ]

١٨٠ - فَصْلٌ

[الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِطْرَةِ (الدِّينُ) ] .

وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا فَسَّرَ بِهِ الْأَئِمَّةُ الْفِطْرَةَ أَنَّهَا " الدِّينُ " مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " مِنْ حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: " «إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>