[الْمَذْهَبُ الْخَامِسُ أَنَّهُمْ مَرْدُودُونَ إِلَى مَحْضِ مَشِيئَةِ اللَّهِ بِلَا سَبَبٍ وَلَا عَمَلٍ]
فَصْلٌ: الْمَذْهَبُ الْخَامِسُ: أَنَّهُمْ مَرْدُودُونَ إِلَى مَحْضِ مَشِيئَةِ اللَّهِ بِلَا سَبَبٍ، وَلَا عَمَلٍ.
فَيَجُوزُ أَنْ يَعُمَّهُمْ جَمِيعَهُمْ بِرَحْمَتِهِ، وَأَنْ يُدْخِلَ بَعْضَهُمُ الْجَنَّةَ وَبَعْضَهُمُ النَّارَ. وَلَا سَبِيلَ لَنَا إِلَى إِثْبَاتِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ إِلَّا بِخَبَرٍ يَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ، وَكُلُّهَا جَائِزَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّهِ، وَإِنَّمَا يَتَرَجَّحُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ بِمُجَرَّدِ الْمَشِيئَةِ، وَهَذَا قَوْلُ الْجَبْرِيَّةِ نُفَاةِ الْحِكْمَةِ وَالتَّعْلِيلِ، وَقَدْ ظَنَّ كَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ أَنَّ هَذَا جَوَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ سُئِلَ عَنْهُمْ فَقَالَ: " «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» "، وَهَذَا الْفَهْمُ غَلَطٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَوَابُهُ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَصْلًا، بَلْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ هُمْ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ يَفْعَلُ فِيهِمْ مَا يَشَاءُ بِلَا سَبَبٍ وَلَا عَمَلٍ، بَلْ أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَعْمَالَهُمُ الَّتِي يَسْتَحِقُّونَ بِهَا الثَّوَابَ، أَوِ الْعِقَابَ لَوْ عَاشُوا.
وَقَدْ دَلَّتِ الْآثَارُ الَّتِي سَنَذْكُرُهَا عَلَى ظُهُورِ مَعْلُومِهِ فِيهِمْ - فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ - الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ.
وَهَذَا الْمَذْهَبُ مَبْنِيٌّ عَلَى أُصُولِ الْجَبْرِيَّةِ الْمُنْكِرِينَ لِلْأَسْبَابِ، وَالْحِكَمِ، وَالتَّعْلِيلِ، وَهُوَ مَذْهَبٌ مُخَالِفٌ لِلْعَقْلِ وَالْفِطْرَةِ، وَالْقُرْآنِ، وَالسُّنَّةِ وَجَمِيعِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute