للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَكَذَا لَفْظُ " الصُّلْحِ " عَامٌّ فِي كُلِّ صُلْحٍ، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ صُلْحَ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ، وَصُلْحَهُمْ مَعَ الْكُفَّارِ، وَلَكِنْ صَارَ - فِي اصْطِلَاحِ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ - " أَهْلُ الذِّمَّةِ " عِبَارَةً عَمَّنْ يُؤَدِّي الْجِزْيَةَ، وَهَؤُلَاءِ لَهُمْ ذِمَّةٌ مُؤَبَّدَةٌ، وَهَؤُلَاءِ قَدْ عَاهَدُوا الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِذْ هُمْ مُقِيمُونَ فِي الدَّارِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، بِخِلَافِ أَهْلِ الْهُدْنَةِ، فَإِنَّهُمْ صَالَحُوا الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنْ يَكُونُوا فِي دَارِهِمْ، سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى مَالٍ، أَوْ غَيْرِ مَالٍ، لَا تَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ كَمَا تَجْرِي عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، لَكِنْ عَلَيْهِمُ الْكَفُّ عَنْ مُحَارَبَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَؤُلَاءِ يُسَمَّوْنَ أَهْلَ الْعَهْدَ، وَأَهْلَ الصُّلْحِ، وَأَهْلَ الْهُدْنَةِ.

وَأَمَّا الْمُسْتَأْمِنُ فَهُوَ الَّذِي يَقْدَمُ بِلَادَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ اسْتِيطَانٍ لَهَا، وَهَؤُلَاءِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: رُسُلٌ، وَتُجَّارٌ، وَمُسْتَجِيرُونَ حَتَّى يُعْرَضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامُ وَالْقُرْآنُ، فَإِنْ شَاءُوا دَخَلُوا فِيهِ، وَإِنْ شَاءُوا رَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ، وَطَالِبُوا حَاجَةٍ مِنْ زِيَارَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا، وَحُكْمُ هَؤُلَاءِ أَلَّا يُهَاجِرُوا، وَلَا يُقْتَلُوا، وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ، وَأَنْ يُعْرَضَ عَلَى الْمُسْتَجِيرِ مِنْهُمُ الْإِسْلَامُ وَالْقُرْآنُ، فَإِنْ دَخَلَ فِيهِ فَذَاكَ، وَإِنْ أَحَبَّ اللَّحَاقَ بِمَأْمَنِهِ أُلْحِقَ بِهِ، وَلَمْ يُعْرَضْ لَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَيْهِ، فَإِذَا وَصَلَ مَأْمَنُهُ عَادَ حَرْبِيًّا كَمَا كَانَ.

[فَصْلٌ هَلْ تَجُوزُ الْهُدْنَةُ الْمُطْلَقَةُ دُونَ تَحْدِيدِ مُدَّةٍ]

١٦٨ - فَصْلٌ

[هَلْ تَجُوزُ الْهُدْنَةُ الْمُطْلَقَةُ دُونَ تَحْدِيدِ مُدَّةٍ] .

إِذَا عُرِفَ هَذَا فَهَلْ يَجُوزُ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يَعْقِدَ الْهُدْنَةَ مَعَ الْكُفَّارِ عَقْدًا مُطْلَقًا لَا يُقَدِّرُهُ بِمُدَّةٍ، بَلْ يَقُولُ: " نَكُونُ عَلَى الْعَهْدِ مَا شِئْنَا "، وَمَنْ أَرَادَ فَسْخَ

<<  <  ج: ص:  >  >>