للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفِطْرَةِ سَوَاءً، أَوِ الْفِطْرَةُ مُقْتَضِيَةً لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، فَإِنْ كَانَا سَوَاءً لَزِمَ انْتِفَاءُ الْمَدْحِ، وَلَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ اقْتِضَائِهَا لِلْكُفْرِ، وَاقْتِضَائِهَا لِلْإِيمَانِ، وَيَكُونُ تَمْجِيسُهَا كَتَحْنِيفِهَا، وَهَذَا بَاطِلٌ قَطْعًا.

وَإِنْ كَانَ فِيهَا مُقْتَضٍّ لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقْتَضِي مُسْتَلْزِمًا لِمُقْتَضَاهُ عِنْدَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَوَقِّفًا عَلَى شَخْصٍ خَارِجٍ عَنْهَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ ثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ لَوَازِمِهَا، وَأَنَّهَا مَفْطُورَةٌ عَلَيْهِ لَا يُفْقَدُ إِلَّا إِذَا أُفْسِدَتِ الْفِطْرَةُ.

وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى شَخْصٍ فَذَلِكَ الشَّخْصُ هُوَ الَّذِي يَجْعَلُهَا حَنِيفِيَّةً كَمَا يَجْعَلُهَا مَجُوسِيَّةً، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا.

وَإِذَا قِيلَ: " هِيَ إِلَى الْحَنِيفِيَّةِ أَمْيَلُ " كَانَ كَمَا يُقَالُ: هِيَ إِلَى النَّصْرَانِيَّةِ أَمْيَلُ.

فَتَبَيَّنَ أَنَّ فِيهَا قُوَّةً مُوجِبَةً لِحُبِّ اللَّهِ وَالذُّلِّ لَهُ، وَإِخْلَاصِ الدِّينِ لَهُ، وَأَنَّهَا مُوجِبَةٌ لِمُقْتَضَاهَا إِذَا سَلِمَتْ مِنَ الْمُعَارِضِ، كَمَا أَنَّ فِيهَا قُوَّةً تَقْتَضِي شُرْبَ اللَّبَنِ الَّذِي فُطِرَتْ عَلَى مَحَبَّتِهِ وَطَلَبِهِ.

[فَصْلٌ الْفِطْرَةُ تَقْتَضِي حُبَّ اللَّهِ]

١٩٢ - فَصْلٌ

[الْفِطْرَةُ تَقْتَضِي حُبَّ اللَّهِ] .

وَمِمَّا يُبَيِّنُ هَذَا أَنَّ كُلَّ حَرَكَةٍ إِرَادِيَّةٍ فَإِنَّ الْمُوجِبَ لَهَا قُوَّةٌ فِي الْمُرِيدِ، فَإِذَا أَمْكَنَ الْإِنْسَانَ أَنْ يُحِبَّ اللَّهَ وَيَعْبُدَهُ وَيُخْلِصَ لَهُ الدِّينَ كَانَ فِيهِ قُوَّةٌ تَقْتَضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>