للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ أَحْكَامُ أَوْلَادِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا بَلَغُوا وَالْمَجْنُونِ إِذَا أَفَاقَ]

١٠ - فَصْلٌ

[أَحْكَامُ أَوْلَادِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا بَلَغُوا وَالْمَجْنُونِ إِذَا أَفَاقَ]

فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ وَذِمَّةٍ بَلِ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ يَتَنَاوَلُ الْبَالِغِينَ وَمَنْ سَيَبْلُغُ مِنْ أَوْلَادِهِمْ أَبَدًا، وَعَلَى هَذَا اسْتَمَرَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُنَّةُ خُلَفَائِهِ كُلِّهِمْ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ حَتَّى يَوْمِنَا هَذَا، لَمْ يُفْرِدُوا كُلَّ مَنْ بَلَغَ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُخَيِّرُ الْبَالِغِينَ وَالْمُفِيقَ بَيْنَ الْتِزَامِ الْعَقْدِ وَبَيْنَ أَنْ يُرَدَّ إِلَى مَأْمَنِهِ، فَإِنِ اخْتَارَ الذِّمَّةَ عُقِدَتْ لَهُ وَإِنِ اخْتَارَ اللَّحَاقَ بِمَأْمَنِهِ أُجِيبَ إِلَيْهِ.

وَقَالَ الْقَاضِي فِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ ": وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ أَصَحُّ وَأَوْلَى، فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ أَحَدِ خُلَفَائِهِ تَجْدِيدُ الْعَقْدِ لِهَؤُلَاءِ، وَلَا يُعْرَفُ أَنَّهُ عُمِلَ بِهِ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ وَلَا يُهْمِلُ الْأَئِمَّةُ مِثْلَ هَذَا الْأَمْرِ لَوْ كَانَ مَشْرُوعًا.

وَلِأَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي الْعَقْدِ تَبَعًا مَعَ أَوْلِيَائِهِمْ كَمَا كَانُوا يَدْخُلُونَ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ تَبَعًا، وَلِأَنَّهُ عُقِدَ مَعَ الْكُفَّارِ فَلَمْ يُحْتَجْ إِلَى اسْتِئْنَافِهِ لِهَؤُلَاءِ كَعَقْدِ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَيْفَ يَجُوزُ إِلْحَاقُهُ بِمَأْمَنِهِ وَتَسْلِيطُهُ عَلَى مُحَارَبَتِنَا بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ؟ وَأَيُّ مَصْلَحَةٍ لِلْإِسْلَامِ فِي هَذَا؟ وَأَيُّ سُنَّةٍ جَاءَتْ بِهِ وَأَيُّ إِمَامٍ عَمِلَ بِهِ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>