وَحَسِبُوا أَنَّ مُرَادَ الْعِرَاقِيِّينَ بِالِاشْتِرَاطِ هَذَا فَقَالُوا - حِكَايَةً عَنْهُمْ -: وَإِنْ لَمْ يَجْرِ شَرْطٌ لَمْ يَنْتَقِضِ الْعَهْدُ، وَإِنْ جَرَى فَوَجْهَانِ. وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَكُونَ الْعِرَاقِيُّونَ قَائِلِينَ بِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَجْرِ شَرْطُ الِانْتِقَاضِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَمْ يَنْتَقِضْ بِهَا، قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ صُرِّحَ بِشَرْطِ تَرْكِهَا انْتَقَضَ.
وَهَذَا غَلَطٌ عَلَيْهِمْ، وَالَّذِي نَصَرُوهُ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ: أَنَّ سَبَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقُضُ الْعَهْدَ وَيُوجِبُ الْقَتْلَ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ نَفْسِهِ.
[فَصْلٌ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ فِيمَا يَنْقُضُ الْعَهْدَ]
٢٦٥ - فَصْلٌ
[مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ فِيمَا يَنْقُضُ الْعَهْدَ] .
وَأَمَّا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالُوا: يَنْتَقِضُ الْعَهْدُ بِالْقِتَالِ، أَوْ مَنْعِ الْجِزْيَةِ، أَوِ التَّمَرُّدِ عَلَى الْأَحْكَامِ، أَوْ إِكْرَاهِ الْمُسْلِمَةِ عَلَى الزِّنَى، أَوِ التَّطَلُّعِ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ.
قَالُوا: وَمَنْ نَقَضَ عَهْدَهُ وَجَبَ قَتْلُهُ وَلَمْ يَسْقُطْ بِإِسْلَامِهِ.
قَالُوا: وَمَنْ سَبَّ مِنْهُمْ أَحَدًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَجَبَ قَتْلُهُ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ.
وَأَمَّا قَطْعُ الطَّرِيقِ وَالسَّرِقَةِ وَنَحْوِهِمَا فَحُكْمُهُ فِيهَا حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ يُقَامُ عَلَيْهِ فِيهِ الْحَدُّ كَمَا يُقَامُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ نَقْضِ الْعَهْدِ.
قَالُوا: وَأَمَّا رَفْعُ أَصْوَاتِهِمْ بِكِتَابِهِمْ وَرُكُوبُ السُّرُوجِ وَتَرْكُ الْغِيَارِ وَإِظْهَارُ مُعْتَقَدِهِمْ فِي عِيسَى وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute