وَالثَّالِثُ: الْمَنْعُ فِي الصَّغِيرِ وَالْجَوَازُ فِي الْكَبِيرِ، وَهُوَ مَذْهَبُ " الْعَيْنِيَّةِ ".
وَاحْتَجَّ الْمَانِعُونَ مُطْلَقًا بِأَنَّ ذَلِكَ فِي الشُّرُوطِ الْمَشْرُوطَةِ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ: " وَلَا نَتَّخِذُ شَيْئًا مِنَ الرَّقِيقِ الَّذِي جَرَتْ عَلَيْهِ سِهَامُ الْمُسْلِمِينَ " قَالُوا: وَهَذَا فِعْلٌ ظَاهِرٌ مُنْتَشِرٌ عَنْ عُمَرَ أَقَرَّهُ جَمِيعُ الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّهُ رَقِيقٌ جَرَى عَلَيْهِ مِلْكُ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ كَافِرٍ كَالْحَرْبِيِّ.
قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: وَلَا يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ إِذَا اشْتَرَى مُسْلِمٌ عَبْدًا كَافِرًا أَوْ ذِمِّيًّا، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ ذَمِّيٍّ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ إِمَامِنَا أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَلِأَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ رُجِيَ إِسْلَامُهُ، وَإِذَا مُنِعَ مِنْهُمْ مَنَعُوهُ مِنْ إِسْلَامٍ إِنْ رَغِبَ فِيهِ، وَلِهَذَا مَنَعْنَا الْكَافِرَ مِنْ حَضَانَةِ اللَّقِيطِ.
[فَصْلٌ فِي مُفَادَاةِ الْأَسِيرِ الْكَافِرِ]
٢٣٤ - فَصْلٌ
[فِي مُفَادَاةِ الْأَسِيرِ الْكَافِرِ]
فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ تَجْمَعُونَ بَيْنَ الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِهِمْ لِكَافِرٍ وَبَيْنَ جَوَازِ الْمُفَادَاةِ بِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ بِالْمَالِ وَالْمُسْلِمِ؟
قِيلَ: أَمَّا الْمُفَادَاةُ بِهِمْ بِمُسْلِمٍ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ تَخْلِيصِ الْمُسْلِمِ مِنْ أَسْرِ الْكُفَّارِ أَرْجَحُ مِنْ بَقَاءِ الْعَبْدِ الْكَافِرِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ يَنْتَظِرُونَ إِسْلَامَهُ، بِخِلَافِ بَيْعِهِ لَهُمْ فَإِنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لِلْعَبْدِ، وَهُوَ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ مَا يُرْجَى لَهُ بِإِقَامَتِهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَالِحِ.
وَأَمَّا مُفَادَاتُهُ بِمَالٍ فَهَذَا فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، فَإِنْ مَنَعْنَا ذَلِكَ فَلِأَنَّ مُفَادَاتَهُ بِمَالٍ بِيعَ مِنْهُ لَهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute