للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَهَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا شَيْخُنَا، وَغَيْرُهُ.

وَهَلْ مَعْنَى الْآيَةِ أَخْذُ الذُّرِّيَّةِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، وَإِشْهَادُهُمْ بِمَا فَطَرَهُمْ عَلَيْهِ، أَوْ إِخْرَاجُهُمْ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ وَاسْتِنْطَاقُهُمْ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ.

وَالَّذِينَ قَالُوا: " إِنَّ الْأَرْوَاحَ خُلِقَتْ قَبْلَ الْأَجْسَادِ " لَيْسَ مَعَهُمْ نَصٌّ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ، وَغَايَةُ مَا مَعَهُمْ قَوْلُهُ: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} [الأعراف: ١٧٢] الْآيَةَ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.

وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الَّتِي فِيهَا أَنَّهُ " أَخْرَجَهُمْ مِثْلَ الذَّرِّ "، فَهَذَا هَلْ هُوَ أَشْبَاحُهُمْ أَوْ أَمْثَالُهُمْ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، وَلَيْسَ فِيهَا صَرِيحٌ بِأَنَّهَا أَرْوَاحُهُمْ.

وَالَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، وَالسُّنَّةُ، وَالِاعْتِبَارُ أَنَّ الْأَرْوَاحَ إِنَّمَا خُلِقَتْ مَعَ الْأَجْسَادِ، أَوْ بَعْدَهَا، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَلَقَ جَسَدَ آدَمَ قَبْلَ رُوحِهِ، فَلَمَّا سَوَّاهُ وَأَكْمَلَ خَلْقَهُ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، فَكَانَ تَعَلُّقُ الرُّوحِ بِهِ بَعْدَ خَلْقِ جَسَدِهِ.

وَكَذَلِكَ سُنَّتُهُ سُبْحَانَهُ فِي خَلْقِ أَوْلَادِهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الْمُتَّفَقُ عَلَى صِحَّتِهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا

[نُطْفَةً] ، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ» ".

وَقَدْ غَلِطَ بَعْضُ النَّاسِ حَيْثُ ظَنَّ أَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ إِرْسَالُ الرُّوحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>