للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي حُكْمِ مَنْ كَانَ مَالِكًا لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ.

قَالَ شَيْخُنَا: أَمَّا مَسْأَلَةُ الْحُرِّيَّةِ فَإِنَّهَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ حُجَّةً لِلْقَاضِي لَا حُجَّةً عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ شَرْطٌ كَمَا أَنَّ الْكُفْرَ مَانِعٌ، وَكَمَا أَنَّ مُقَارَنَةَ الشَّرْطِ لَا تُؤَثِّرُ وَلَا تُفِيدُ فِيهَا فَكَذَلِكَ مُقَارَنَةُ الْمَانِعِ.

وَهَكَذَا كَانَ الْقَاضِي قَدْ نَقَضَ عَلَيْهِمْ بِهَذِهِ الصُّورَةِ، أَوَّلًا ذَكَرَهَا فِي جَوَابِهِ، وَهَذَا جَيِّدٌ، ثُمَّ ذَكَرَهَا فِي حُجَّتِهِمْ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ فِيهَا نَظَرٌ، فَإِنَّ مُقَارَنَةَ الْمَانِعِ حَدَثَتْ قَبْلَ انْتِقَالِ الْإِرْثِ إِلَى غَيْرِهِ.

قُلْتُ: وَهَذَا مِنْ أَصَحِّ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ عِلَّةُ الْإِرْثِ، وَلَكِنْ مَنَعَ مِنْ إِعْمَالِ النَّسَبِ مَانِعُ الرِّقِّ، ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ قَبْلَ انْتِقَالِ الْإِرْثِ إِلَى غَيْرِ الْوَلَدِ، فَلَوْ مَنَعْنَاهُ الْإِرْثَ لَعَطَّلْنَا إِعْمَالَ النَّسَبِ فِي مُقْتَضَاهُ مَعَ أَنَّهُ لَا مَانِعَ لَهُ حِينَ اقْتِضَائِهِ، فَإِنَّ النَّسَبَ اقْتَضَى حُكْمَهُ بِالْمَوْتِ، وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَا مَانِعَ لَهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًّا.

قَالَ الْقَاضِي: فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْكَحَّالِ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ - وَاللَّفْظُ لَهُ - فِي نَصْرَانِيٍّ مَاتَ، وَلَهُ امْرَأَةٌ نَصْرَانِيَّةٌ حُبْلَى، فَأَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ وَلَدَتْ: لَا يَرِثُ الْوَلَدُ، إِنَّمَا مَاتَ أَبُوهُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ مَا هُوَ، وَإِنَّمَا يَرِثُ فِي الْوِلَادَةِ، وَيُحْكَمُ لَهُ بِالْإِسْلَامِ.

فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، وَلَمْ يُحْكَمْ بِالْمِيرَاثِ.

قِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ هَذَا رِوَايَةُ: أَنَّا نَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِ وَلَا نَحْكُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>