وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ أَوَّلًا، وَأُزِيلَ تَبَعًا، فَإِذَا اسْتَقَلَّ زَالَتِ التَّبَعِيَّةُ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى تَبَعِيَّتِهِ لِأُمِّهِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، وَيُنَصِّرَانِهِ» "، وَإِنَّمَا أَرَادَ مَنْ وُجِدَ مِنْ أَبَوَيْهِ، فَإِذَا تَبِعَ أَحَدَ الْأَبَوَيْنِ فِي كُفْرِهِ فَلَأَنْ يَتْبَعَهُ فِي الْإِسْلَامِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ الْوِلَايَةَ، وَالتَّعْصِيبَ لِلْأَبِ، فَتَكُونُ التَّبَعِيَّةُ لَهُ دُونَ الْأُمِّ، فَيُقَالُ: وِلَايَةُ التَّرْبِيَةِ، وَالْحَضَانَةِ وَالْكَفَالَةِ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَبِ، وَإِنَّمَا قُوَّةُ وِلَايَةِ الْأَبِ عَلَى الطِّفْلِ فِي حِفْظِ مَالِهِ، وَوِلَايَةُ الْأُمِّ فِي التَّرْبِيَةِ، وَالْحَضَانَةِ أَقْوَى: فَتَبَعِيَّةُ الطِّفْلِ لِأُمِّهِ فِي الْإِسْلَامِ إِنْ لَمْ تَكُنْ أَقْوَى مِنْ تَبَعِيَّةِ الْأَبِ فَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لَهُ.
وَأَيْضًا، فَالْوَلَدُ جُزْءٌ مِنْهَا حَقِيقَةً، وَلِهَذَا تَبِعَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ، وَالرِّقِّ اتِّفَاقًا دُونَ الْأَبِ، فَإِذَا أَسْلَمَتْ تَبِعَهَا سَائِرُ أَجْزَائِهَا، وَالْوَلَدُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا، يُوَضِّحُهُ أَنَّهَا لَوْ أَسْلَمَتْ وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ حُكِمَ بِإِسْلَامِ الطِّفْلِ تَبَعًا لِإِسْلَامِهَا؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا، فَيَمْتَنِعُ بَقَاؤُهُ عَلَى كُفْرِهِ مَعَ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ أُمِّهِ.
١٧٢ - فَصْلٌ
[تَبَعِيَّةُ الطِّفْلِ لِجَدِّهِ وَجَدَّتِهِ] .
وَأَمَّا تَبَعِيَّتُهُ لِجَدِّهِ، وَجَدَّتِهِ فَالْجُمْهُورُ مَنَعُوا مِنْهُ، وَالشَّافِعِيُّ قَالَ بِهِ طَرْدًا لِأَصْلِهِ فِي إِقَامَةِ الْجَدِّ مَقَامَ الْأَبِ، وَلَكِنْ قَدْ نَقَضَ هَذَا الْأَصْلَ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ، فَلَمْ يَطْرُدْهُ فِي إِسْقَاطِهِ لِلْإِخْوَةِ، وَلَا فِي تَوْرِيثِ الْأُمِّ مَعَهُ ثُلُثَ الْبَاقِي إِذَا كَانَ مَعَهَا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute