وَقْتِهِ فِي هَدْمِ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ فَأَجَابُوهُ، فَبَعَثَ بِأَجْوِبَتِهِمْ إِلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ، فَأَجَابَهُ بِهَدْمِ كَنَائِسِ سَوَادِ الْعِرَاقِ، وَذَكَرَ الْآثَارَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَمِمَّا ذَكَرَهُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: " أَيُّمَا مِصْرٍ مَصَّرَتْهُ الْعَرَبُ - يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ - فَلَيْسَ لِلْعَجَمِ - يَعْنِي أَهْلَ الذِّمَّةِ - أَنْ يَبْنُوا فِيهِ كَنِيسَةً، وَلَا يَضْرِبُوا فِيهِ نَاقُوسًا، وَلَا يَشْرَبُوا فِيهِ خَمْرًا. أَيُّمَا مِصْرٍ مَصَّرَتْهُ الْعَجَمُ فَفَتَحَهُ اللَّهُ عَلَى الْعَرَبِ فَإِنَّ لِلْعَجَمِ مَا فِي عَهْدِهِمْ، وَعَلَى الْعَرَبِ أَنْ يُوفُوا بِعَهْدِهِمْ وَلَا يُكَلِّفُوهُمْ فَوْقَ طَاقَتِهِمْ ".
وَمُلَخَّصُ الْجَوَابِ: أَنَّ كُلَّ كَنِيسَةٍ فِي مِصْرَ وَالْقَاهِرَةِ وَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَوَاسِطَ وَبَغْدَادَ وَنَحْوِهَا مِنَ الْأَمْصَارِ الَّتِي مَصَّرَهَا الْمُسْلِمُونَ بِأَرْضِ الْعَنْوَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ إِزَالَتُهَا إِمَّا بِالْهَدْمِ أَوْ غَيْرِهِ، بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لَهُمْ مَعْبَدٌ فِي مِصْرٍ مَصَّرَهُ الْمُسْلِمُونَ بِأَرْضِ الْعَنْوَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْمَعَابِدُ قَدِيمَةً قَبْلَ الْفَتْحِ أَوْ مُحْدَثَةً؛ لِأَنَّ الْقَدِيمَ مِنْهَا يَجُوزُ أَخْذُهُ وَيَجِبُ عِنْدَ الْمَفْسَدَةِ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَجْتَمِعَ قِبْلَتَانِ بِأَرْضٍ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُمَكِّنُوا أَنْ يَكُونَ بِمَدَائِنِ الْإِسْلَامِ قِبْلَتَانِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ كَالْعَهْدِ الْقَدِيمِ، لَا سِيَّمَا وَهَذِهِ الْكَنَائِسُ الَّتِي بِهَذِهِ الْأَمْصَارِ مُحْدَثَةٌ يَظْهَرُ حُدُوثُهَا بِدَلَائِلَ مُتَعَدِّدَةٍ، وَالْمُحْدَثُ يُهْدَمُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ.
وَأَمَّا الْكَنَائِسُ الَّتِي بِالصَّعِيدِ وَبَرِّ الشَّامِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَرْضِ الْعَنْوَةِ، فَمَا كَانَ مِنْهَا مُحْدَثًا وَجَبَ هَدْمُهُ، وَإِذَا اشْتَبَهَ الْمُحْدَثُ بِالْقَدِيمِ وَجَبَ هَدْمُهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute