عَلَيْهَا فَلَهُمْ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ ".
وَقَالَ فِي " النِّهَايَةِ ": وَإِذَا أَبْقَيْنَاهُمْ عَلَى كَنِيسَتِهِمْ فَالْمَذْهَبُ أَنَّا نَمْنَعُهُمْ مِنْ صَوْتِ النَّوَاقِيسِ، فَإِنَّ هَذَا بِمَثَابَةِ إِظْهَارِ الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ، وَأَبْعَدَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ فِي تَجْوِيزِ تَمْكِينِهِمْ مِنْ صَوْتِ النَّوَاقِيسِ فَإِنَّهَا مِنْ أَحْكَامِ الْكَنِيسَةِ، وَقَالَ: وَهَذَا غَلَطٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، انْتَهَى.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي " كِتَابِ الشُّرُوطِ ": " وَلَا نَضْرِبُ بِالنَّاقُوسِ إِلَّا ضَرْبًا خَفِيًّا فِي جَوْفِ كَنَائِسِنَا " فَهَذَا وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ؛ إِذِ النَّاقُوسُ يُعَلَّقُ فِي أَعْلَى الْكَنِيسَةِ كَالْمَنَارَةِ وَيُضْرَبُ بِهِ فَيُسْمَعُ صَوْتُهُ مِنْ بُعْدٍ، فَإِذَا اشْتُرِطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَكُونَ الضَّرْبُ بِهِ خَفِيًّا فِي جَوْفِ الْكَنِيسَةِ لَمْ يُسْمَعْ لَهُ صَوْتٌ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ، فَلِذَلِكَ عَطَّلُوهُ بِالْكُلِّيَّةِ إِذْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ مَقْصُودُهُمْ، وَكَانَ هَذَا الِاشْتِرَاطُ دَاعِيًا لَهُمْ إِلَى تَرْكِهِ.
وَقَدْ أَبْطَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْأَذَانِ نَاقُوسَ النَّصَارَى وَبُوقَ الْيَهُودِ، فَإِنَّهُ دَعْوَةٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَوْحِيدُهُ وَعُبُودِيَّتُهُ، وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِهِ إِعْلَاءً لِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَإِظْهَارًا لِدَعْوَةِ الْحَقِّ وَإِخْمَادًا لِدَعْوَةِ الْكُفْرِ، فَعَوَّضَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْأَذَانِ عَنِ النَّاقُوسِ وَالطُّنْبُورِ كَمَا عَوَّضَهُمْ دُعَاءَ الِاسْتِخَارَةِ عَنِ الِاسْتِقْسَامِ بِالْأَزْلَامِ، وَعَوَّضَهُمْ بِالْقُرْآنِ وَسَمَاعِهِ عَنْ قُرْآنِ الشَّيْطَانِ وَسَمَاعِهِ وَهُوَ الْغِنَاءُ وَالْمَعَازِفُ، وَعَوَّضَهُمْ بِالْمُغَالَبَةِ بِالْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَالْبَهَائِمِ عَنِ الْغَلَّابَاتِ الْبَاطِلَةِ كَالنَّرْدِ وَالشَّطْرَنْجِ وَالْقِمَارِ، وَعَوَّضَهُمْ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ عَنِ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ، وَعَوَّضَهُمُ الْجِهَادَ عَنِ السِّيَاحَةِ وَالرَّهْبَانِيَّةِ، وَعَوَّضَهُمْ بِالنِّكَاحِ عَنِ السِّفَاحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute