للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِوَايَةِ ابْنِ هَانِئٍ: " وَلَا يُتْرَكُوا أَنْ يَجْتَمِعُوا فِي كُلِّ أَحَدٍ، وَلَا يُظْهِرُوا لَهُمْ خَمْرًا، وَلَا نَاقُوسًا ".

فَإِنَّ اجْتِمَاعَهُمُ الْمَذْكُورَ هُوَ غَايَةُ الْبَاعُوثِ وَنِهَايَتُهُ، فَإِنَّهُمْ يَنْبَعِثُونَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ.

وَلَيْسَ مُرَادُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَنْعَ اجْتِمَاعِهِمْ فِي الْكَنِيسَةِ إِذَا تَسَلَّلُوا إِلَيْهَا لِوَاذًا، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ إِظْهَارُ اجْتِمَاعِهِمْ كَمَا يُظْهِرُ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ يَوْمَ عِيدِهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ فِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بْنِ بُخْتَانَ وَقَدْ سُئِلَ: هَلْ يَضْرِبُونَ الْخِيَامَ فِي الطَّرِيقِ يَوْمَ الْأَحَدِ؟ قَالَ: " لَا، إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَدِينَةً صُولِحُوا عَلَيْهَا فَلَهُمْ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ "، فَإِنَّ ضَرْبَ الْخِيَامِ عَلَى الطَّرِيقِ يَوْمَ عِيدِهِمْ هُوَ مِنْ إِخْرَاجِ الْبَاعُوثِ وَإِظْهَارِ شَعَائِرِ الْكُفْرِ، فَإِذَا اخْتَفَوْا فِي كَنَائِسِهِمْ بِاجْتِمَاعِهِمْ لَمْ يُعْرَضْ لَهُمْ فِيهَا مَا لَمْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِقِرَاءَتِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ.

وَأَمَّا الشَّعَانِينُ فَهِيَ أَعْيَادٌ لَهُمْ أَيْضًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَاعُوثِ أَنَّهُ الْيَوْمُ وَالْوَقْتُ الَّذِي يَنْبَعِثُونَ فِيهِ عَلَى الِاجْتِمَاعِ وَالِاحْتِشَادِ.

وَقَوْلُهُمْ: " وَلَا نَرْفَعُ أَصْوَاتَنَا مَعَ مَوْتَانَا " لِمَا فِيهِ مِنْ إِظْهَارِ شِعَارِ الْكُفْرِ، فَهَذَا يَعُمُّ رَفْعَ أَصْوَاتِهِمْ بِقِرَاءَتِهِمْ وَبِالنَّوْحِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ إِظْهَارُ النِّيرَانِ مَعَهُمْ إِمَّا بِالشَّمْعِ أَوِ السُّرُجِ أَوِ الْمَشَاعِلِ وَنَحْوِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>