للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ نَهَى أَنْ يُبْدَأَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ، وَأَمَرَ إِذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمْ عَلَيْنَا أَنْ نَقُولَ لَهُ: " وَعَلَيْكُمْ ".

وَإِذَا كَانَ هَذَا مِنْ سُنَّةِ الْإِسْلَامِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ زِيٌّ يُعْرَفُونَ بِهِ حَتَّى يُمْكِنَ اسْتِعْمَالُ السُّنَّةِ فِي السَّلَامِ فِي حَقِّهِمْ، وَيَعْرِفُ مِنْهُ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ، هَلْ هُوَ مُسْلِمٌ يَسْتَحِقُّ السَّلَامَ أَوْ ذِمِّيٌّ لَا يَسْتَحِقُّهُ؟ وَكَيْفَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ؟ وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى الْأَمْصَارِ " أَنْ تُجَزَّ نَوَاصِيَهُمْ " يَعْنِي أَهْلَ الْكِتَابِ، " وَأَلَّا يَلْبَسُوا لُبْسَةَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يُعْرَفُوا ".

قُلْتُ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَمْرِ السَّلَامِ فَائِدَةٌ مِنْ فَوَائِدِ الْغِيَارِ وَفَوَائِدُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ.

فَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يَقُومُ لَهُ وَلَا يُصَدِّرُهُ فِي الْمَجْلِسِ، وَلَا يُقَبِّلُ يَدَهُ، وَلَا يَقُومُ لَدَى رَأْسِهِ، وَلَا يُخَاطِبُهُ بِأَخِي وَسَيِّدِي وَوَلِيِّي وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا يُدْعَى لَهُ بِمَا يُدْعَى بِهِ لِلْمُسْلِمِ مِنَ النَّصْرِ وَالْعِزِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا يُصْرَفُ إِلَيْهِ مِنْ أَوْقَافِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا مِنْ زَكَوَاتِهِمْ، وَلَا يَسْتَشْهِدُهُ تَحَمُّلًا وَلَا أَدَاءً، وَلَا يَبِيعُهُ عَبْدًا مُسْلِمًا، وَلَا يُمَكِّنُهُ مِنَ الْمُصْحَفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْمُسْلِمِينَ، فَلَوْلَا النَّهْيُ لَعَامَلَهُ بِبَعْضِ مَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْمُسْلِمِ.

فَهَذَا مِنْ حَيْثُ الْإِجْمَالِ، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ التَّفْصِيلِ فَفِي شُرُوطِ عُمَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>