رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاصِيَتَهُ ثُمَّ أَمَرَ بِالْفَرْقِ، فَكَانَ الْفَرْقُ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ» .
وَالسَّدْلُ فِي اللُّغَةِ الْإِرْسَالُ، وَمَعْنَاهُ فِي الشَّعْرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرْسِلُ شَعْرَهُ، وَكَانَ أَوَّلًا يُعْجِبُهُ مُوَافَقَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ لِمَصْلَحَةِ التَّأْلِيفِ وَغَيْرِهَا، فَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَفْرِقَ شَعْرَهُ فَأَمْسَكَ عَنْهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْأَمْرُ مِنَ اللَّهِ فَجَاءَهُ الْأَمْرُ بِالْفَرْقِ فَصَارَ هُوَ السُّنَّةَ.
وَالْفَرْقُ هُوَ أَنْ يَقْسِمَ شَعْرَ الرَّأْسِ نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ، وَيَجْعَلَ ذُؤَابَتَيْنِ عَلَى زِيِّ الْأَشْرَافِ الَّذِي لَمْ تَزَلْ عَلَيْهِ الْعَلَوِيُّونَ وَالْعَبَّاسِيُّونَ.
وَهَذَا آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فِعْلِهِ وَهُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ، بَلْ يُؤْمَرُونَ بِأَنْ يُرْسِلُوا شُعُورَهُمْ وَيُسْدِلُوهَا وَيَجْمَعُوا شُعُورَهُمْ حَتَّى تَكُونَ كَاللَّبِنَةِ مِنْ خَلْفِهِمْ.
وَقَدْ وَسَمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ عَلَى رَأْسِهِ شَعْرٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِوَسْمٍ يَنْبَغِي اتِّبَاعُهُ وَهُوَ أَنْ تُجَزَّ نَوَاصِيهِمْ، وَالنَّاصِيَةُ مِقْدَارُ رُبْعِ الرَّأْسِ، فَإِذَا كَانَ رُبْعُهُ مَحْلُوقًا كَانَ عَلَمًا ظَاهِرًا وَأَمْرًا مَشْهُورًا أَنَّهُ ذِمِّيٌّ، وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي كِتَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الشُّرُوطِ: " وَأَنْ نَجُزَّ مَقَادِمَ رُءُوسِنَا ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute