مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الضِّيَافَةُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ إِلَّا بِعِلْمِ أَهْلِهِ؛ إِذْ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ وَقَدَرَ لَهُ عَلَى حَقٍّ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، انْتَهَى.
فَأَمَّا قَوْلُهُ: " «إِنَّ الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ حَقٌّ وَاجِبٌ وَالثَّلَاثَةَ مُسْتَحَبَّةٌ» " فَهَذَا صَحِيحٌ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَمَّا فِي حَقِّ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ، فَإِنَّ الثَّلَاثَةَ إِنْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً عَلَيْهِمْ فَهِيَ حَقٌّ لَازِمٌ، عَلَيْهِمُ الْقِيَامُ بِهِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَشْرُوطَةً عَلَيْهِمْ لَمْ يَجُزْ لِلْمُسْلِمِينَ تَنَاوُلُ مَا زَادَ عَلَى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ إِلَّا بِرِضَاهُمْ، وَحِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا، وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَشْرُطْ عَلَى طَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ بَلْ شَرَطَ عَلَى نَصَارَى الشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا، فَفِي شَرْطِهِ عَلَى نَصَارَى الشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ ضِيَافَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِيَسَارِهِمْ وَإِطَاقَتِهِمْ ذَلِكَ، وَأَمَّا نَصَارَى السَّوَادِ فَشَرَطَ عَلَيْهِمْ يَوْمًا وَلَيْلَةً؛ لِأَنَّ حَالَهُمْ كَانَ دُونَ حَالِ نَصَارَى الشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ.
فَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُرَاعِي فِي ذَلِكَ حَالَ أَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا كَانَ يُرَاعِي حَالَهُمْ فِي الْجِزْيَةِ وَفِي الْخَرَاجِ، فَبَعْضُهُمْ شَرَطَهَا عَلَيْهِمْ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَبَعْضُهُمْ شَرَطَهَا عَلَيْهِمْ ثَلَاثًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " إِنَّهُمْ إِذَا لَمْ يَقُومُوا بِمَا عَلَيْهِمْ وَقُدِرَ لَهُمْ عَلَى مَالٍ لَمْ يَأْخُذْهُ بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةِ الظَّفَرِ " فَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَالسُّنَّةُ قَدْ فَرَّقَتْ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الظَّفَرِ الَّتِي لَا يَجُوزُ الْأَخْذُ بِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute