فَأَمَرَ سُبْحَانَهُ بِقِتَالِ النَّاكِثِينَ الطَّاعِنِينَ فِي الدِّينِ، وَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ أَشْيَاءَ: تَعْذِيبِهِمْ بِأَذَى الْمُؤْمِنِينَ، وَخِزْيِهِمْ، وَالنُّصْرَةِ عَلَيْهِمْ، وَشِفَاءِ صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ، وَذَهَابِ غَيْظِ قُلُوبِهِمْ، وَتَوْبَتِهِ عَلَى غَيْرِهِمْ. وَالتَّقْدِيرُ: إِنْ تُقَاتِلُوهُمْ يَحْصُلْ هَذَا.
وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ مُرَتَّبَةً عَلَى قِتَالِ النَّاكِثِ وَالطَّاعِنِ فِي الدِّينِ - وَهِيَ أُمُورٌ مَطْلُوبَةٌ - كَانَ سَبَبُهَا الْمُقْتَضِي لَهَا مَطْلُوبًا لِلشَّارِعِ - وَهُوَ الْقِتَالُ - وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ مَطْلُوبَةً حَاصِلَةً بِالْقِتَالِ لَمْ يَجُزْ تَعْطِيلُ الْقِتَالِ الَّذِي هُوَ سَبَبُهَا مَعَ قِيَامِ الْمُقْتَضِي لَهُ مِنْ جِهَةِ مَنْ يُقَاتِلُهُ، وَهُوَ النَّكْثُ وَالطَّعْنُ فِي الدِّينِ.
فَشِفَاءُ الصُّدُورِ الْحَاصِلُ مِنْ أَلَمِ النَّكْثِ وَالطَّعْنِ، وَذَهَابُ الْغَيْظِ الْحَاصِلِ فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ ذَلِكَ، مَقْصُودٌ لِلشَّارِعِ مَطْلُوبُ الْحُصُولِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ مَنْ أَظْهَرَ سَبَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ يَغِيظُ الْمُؤْمِنِينَ وَيُؤْلِمُهُمْ أَكْثَرَ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ بَعْضِهِمْ وَأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ، فَإِنَّ هَذَا يُثِيرُ الْغَضَبَ لِلَّهِ وَالْحَمِيَّةَ لَهُ وَلِرَسُولِهِ.
وَهَذَا الْقَدْرُ لَا يَهِيجُ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ غَيْظٌ أَكْثَرَ مِنْهُ، بَلِ الْمُؤْمِنُ الْمُسَدَّدُ لَا يَغْضَبُ هَذَا الْغَضَبَ إِلَّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ شِفَاءَ صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ وَذَهَابَ غَيْظِ قُلُوبِهِمْ، وَهَذَا إِنَّمَا يَحْصُلُ بِقَتْلِ السَّبَّابِ لِأَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ [تَعْزِيرَهُ] وَتَأْدِيبَهُ يُذْهِبُ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ إِذَا شَتَمَ أَحَدًا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute