الْمُقَدَّرَاتِ، وَالْكُلُّ مُنْتَفٍ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْأُصُولِ قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ يُبِيحُ الدَّمَ مِنْهُ عَدَدٌ مَخْصُوصٌ وَلَا يُبِيحُهُ أَقَلُّ مِنْهُ، وَلَا يَنْتَقِضُ هَذَا بِالْقَتْلِ بِالزِّنَى، وَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِإِقْرَارِ أَرْبَعِ مَرَّاتٍ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ، وَلَا بِالْقَتْلِ بِالْقَسَامَةِ حَيْثُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بَعْدَ خَمْسِينَ يَمِينًا عِنْدَ مَنْ يَرَى الْقَوَدَ بِهَا، وَلَا رَجْمَ الْمُلَاعَنَةِ حَيْثُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بَعْدَ شَهَادَةِ الزَّوْجِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّهَا تُرْجَمُ بِلِعَانِ الزَّوْجِ وَنُكُولِهَا، فَإِنَّ الْمُبِيحَ لِلدَّمِ لَيْسَ هُوَ الْإِقْرَارَ وَلَا الْأَيْمَانَ، وَإِنَّمَا الْمُبِيحُ فِعْلُ الزِّنَى وَفِعْلُ الْقَتْلِ، وَإِنَّمَا الْإِقْرَارُ وَالْأَيْمَانُ حُجَّةٌ وَدَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ ذَلِكَ.
وَنَحْنُ لَمْ نُنَازِعْ فِي أَنَّ الْحُجَجَ الشَّرْعِيَّةَ لَهَا نُصُبٌ مَحْدُودَةٌ وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ نَفْسَ الْقَوْلِ أَوِ الْعَمَلِ الْمُبِيحِ لِلدَّمِ لَا نِصَابَ لَهُ فِي الشَّرْعِ، وَإِنَّمَا الْحُكْمُ مُعَلَّقٌ بِجِنْسِهِ.
الْوَجْهُ الثَّامِنُ: أَنَّ الْقَتْلَ عِنْدَ كَثْرَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ حَدًّا يَجِبُ فِعْلُهُ أَوْ تَعْزِيرًا يَرْجِعُ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْدِيدِ مُوجِبِهِ، وَلَا حَدَّ لَهُ إِلَّا تَعْلِيقَهُ بِالْجِنْسِ، وَالْقَوْلُ بِمَا سِوَى ذَلِكَ تَحَكُّمٌ.
وَإِنْ كَانَ الثَّانِي، فَلَيْسَ فِي الْأُصُولِ تَعْزِيرٌ بِالْقَتْلِ فَلَا يَجُوزُ إِثْبَاتُهُ إِلَّا بِدَلِيلٍ يَخْتَصُّهُ، وَالْعُمُومَاتُ الْوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ: " «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ» " تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute