للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ بِالْأَسَانِيدِ الْمُتَقَدِّمَةِ: قَالُوا: «فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلَةِ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا ابْنُ الْأَشْرَفِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ ظَفِرْتُمْ بِهِ مِنْ رِجَالِ يَهُودَ فَاقْتُلُوهُ ". فَخَافَتَ يَهُودُ فَلَمْ تُطْلِعْ عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ، وَخَافُوا أَنْ يُبَيَّتُوا كَمَا بُيِّتَ ابْنُ الْأَشْرَفِ، وَذَكَرَ قَتْلَ ابْنِ سُنَيْنَةَ إِلَى أَنْ قَالَ: " وَفَزِعَتْ يَهُودُ وَمَنْ مَعَهَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ» " وَسَاقَ الْقِصَّةَ كَمَا تَقَدَّمَ.

فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مُوَادِعِينَ، وَإِلَّا لَمَا أَمَرَ بِقَتْلِ مَنْ وُجِدَ مِنْهُمْ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَهْدَ الَّذِي كَتَبَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَهُودِ كَانَ بَعْدَ قَتْلِ ابْنِ الْأَشْرَفِ.

وَحِينَئِذٍ، فَلَا يَكُونُ ابْنُ الْأَشْرَفِ مُعَاهِدًا.

فَالْجَوَابُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَ بِقَتْلِ مَنْ ظُفِرَ بِهِ مِنَ الْيَهُودِ؛ لِأَنَّ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ كَانَ مِنْ سَادَاتِهِمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ: مَا عِنْدَكُمْ فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ؟ قَالُوا: عَدَاوَتُهُ مَا حَيِينَا، وَكَانُوا مُقِيمِينَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ فَعَظُمَ عَلَيْهِمْ قَتْلُهُ، وَكَانَ مِمَّا هَيَّجَهُمْ عَلَى الْمُحَارَبَةِ وَإِظْهَارِ نَقْضِ الْعَهْدِ انْتِصَارُهُمْ لِلْمَقْتُولِ وَذَبُّهُمْ عَنْهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ مَجِيئَهُ دَلِيلٌ عَلَى نَقْضِ الْعَهْدِ وَانْتِصَارِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>