وَهَذَا مُخَالِفٌ لِنَصِّ أَحْمَدَ وَلِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ، فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَخَذَ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ وَقَدْ حَكَيْنَا كَلَامَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ فِي نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ وَتَنُوخَ وَبَهْرَاءَ، وَالْمَحْفُوظُ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّمَا هُوَ فِي نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ خَاصَّةً وَقَدْ ظَنَّ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ أَنَّ ذَلِكَ لِكَوْنِهِمْ عَرَبًا، فَأَلْحَقُوا بِهِمْ هَذِهِ الْقَبَائِلَ وَهَذَا لَا يَصِحُّ، وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى الْفَرْقِ كَمَا ذَكَرْنَا نُصُوصَهُ.
قَالَ الشَّيْخُ فِي " الْمُغْنِي ": وَلَنَا عُمُومُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ: " «خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا» " وَهُمْ عَرَبٌ، وَقَبِلَ الْجِزْيَةَ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ وَهُمْ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: " أَوَّلُ مَنْ أَعْطَى الْجِزْيَةَ أَهْلُ نَجْرَانَ وَكَانُوا نَصَارَى ".
وَأَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ أُكَيْدِرِ دُومَةَ وَهُوَ عَرَبِيٌّ، وَحُكْمُ الْجِزْيَةِ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي كُلِّ كِتَابِيٍّ عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَرَبِيٍّ، إِلَّا مَا خُصَّ بِهِ بَنُو تَغْلِبَ لِمُصَالَحَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِيَّاهُمْ، فَفِي مَنْ عَدَاهُمْ يَبْقَى الْحُكْمُ عَلَى عُمُومِ الْكِتَابِ وَشَوَاهِدِ السُّنَّةِ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ غَيْرِ بَنِي تَغْلِبَ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ صُلْحٌ كَصُلْحِ بَنِي تَغْلِبَ فِيمَا بَلَغَنَا، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ غَيْرِ بَنِي تَغْلِبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute