أَثْنَاءِ السَّنَةِ، وَتَتَدَاخَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَهِيَ تَتَعَرَّضُ لِلسُّقُوطِ قَبْلَ الْحَوْلِ وَبَعْدَهُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ بِقِسْطِ مَا مَضَى مِنْهَا؟
قِيلَ: هَذَا فِيهِ نِزَاعٌ؛ فَأَبُو حَنِيفَةَ يُجَوِّزُ أَنْ يَأْخُذَ فِي كُلِّ شَهْرٍ بِقِسْطِهِ، وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ وَجْهَانِ.
قَالَ أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيُّ: أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُطَالَبَةَ فِي آخِرِ السَّنَةِ عِنْدَ اسْتِمْرَارِ الْأَحْوَالِ بِذَلِكَ جَرَتْ سُنَنُ الْمَاضِينَ وَسُنَنُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْجِزْيَةُ مَوْضُوعُهَا عَلَى الْإِمْهَالِ كَالزَّكَاةِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ لَوْ سَقَطَ عَنْهُ الْوُجُوبُ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ بِمَوْتٍ أَوْ عَمًى أَوْ زَمَانَةٍ أَوْ إِسْلَامٍ هَلْ تُؤْخَذُ مِنْهُ بِقِسْطِ مَا مَضَى؟
قِيلَ: الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ وَأَلَّا يُطَالَبَ بِقِسْطِ مَا مَضَى، وَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ لَمْ يَحِلَّ فِي ذَلِكَ نِزَاعًا، وَلَكِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ حَمْدَانَ حَكَى فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ فَقَالَ: وَمَنْ أَسْلَمَ فِي الْحَوْلِ أَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبَقًا أَوْ أُقْعِدَ أَوْ عَمِيَ - فِيهِ وَجْهَانِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِنِ اتَّفَقَ اجْتِمَاعُ دُيُونِ الْآدَمِيِّينَ وَالْجِزْيَةِ فَهَلْ تُقَدَّمُ الْجِزْيَةُ أَوِ الدُّيُونُ؟
قِيلَ: أَمَّا أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فَبَنَوْا ذَلِكَ عَلَى الْأَصْلِ وَقَالُوا: هَذَا مُسْتَحَقٌّ بِالْجِزْيَةِ، يُحِقُّ حُقُوقَ اللَّهِ كَالزَّكَاةِ وَيُحِقُّ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ وَلَيْسَتْ مِنَ الْقُرَبِ، فَعَلَى هَذَا تَقَعُ الْمُحَاصَّةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنَ الدُّيُونِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute