للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُسَاقَاةُ مِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ يَمْنَعُهَا كَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَخُصُّهَا بِالنَّخْلِ وَالْكَرْمِ، وَمَنْ جَوَّزَهَا فِي جَمِيعِ الشَّجَرِ فَقَدْ تَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْمُسَاقَاةُ فِي بُسْتَانِهِ، وَالرَّجُلُ الَّذِي لَهُ غَرَضٌ فِي الثِّمَارِ قَدْ لَا يُحْسِنُ الْمُسَاقَاةَ، فَتَتَعَطَّلُ مَصْلَحَةُ صَاحِبِ الْبُسْتَانِ وَمَصْلَحَةُ الْمُسْتَأْجِرِ، وَفِي هَذَا فَسَادٌ لَا تَأْتِي بِهِ الشَّرِيعَةُ.

وَمَصْلَحَةُ الْإِجَارَةِ أَعْظَمُ مِمَّا يُقَدَّرُ فِيهَا مِنَ الْفَسَادِ بِكَثِيرٍ، وَالشَّرِيعَةُ جَاءَتْ بِتَقْدِيمِ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ عَلَى الْمَفْسَدَةِ الْمَرْجُوحَةِ.

وَلَمَّا كَانَتْ مَصَالِحُ النَّاسِ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِذَلِكَ وَضَعَ الْمَانِعُونَ حِيَلًا لِلْجَوَازِ بِأَنْ يُؤَجِّرُوهُ بَيَاضَ الْأَرْضِ بِأَضْعَافِ أَضْعَافِ مَا تُسَاوِي، ثُمَّ يُسَاقُونَهُ عَلَى ثَمَرِ الشَّجَرِ بِأَدْنَى أَدْنَى مَا يَكُونُ فَلَا الْإِجَارَةُ مَقْصُودَةٌ لَهُمَا وَلَا الْمُسَاقَاةُ فَقَدْ دَخَلَا عَلَى عَقْدٍ لَمْ يَقْصِدْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، فَالَّذِي قَصَدَهُ هَذَا وَهَذَا حَرَامٌ وَالَّذِي عَقَدَا عَلَيْهِ لَمْ يَقْصِدَاهُ وَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مَقْصُودِ الْكِتَابِ، وَإِنَّمَا وَقَعَتْ فِي طَرِيقِ الْخَرَاجِ الَّذِي هُوَ أَخُو الْجِزْيَةِ وَشَقِيقُهَا.

وَقَدْ أَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْخَرَاجِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>