للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعَاذَهَا اللَّهُ مِمَّا هُوَ دُونَ الْخَرَاجِ بِكَثِيرٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَالْأَئِمَّةِ بَعْدَهُمْ إِلَى زَمَنِ هَذَا الْقَائِلِ، وَكَيْفَ يَسُوغُ ضَرْبُ الْخَرَاجِ الَّذِي هُوَ أَخُو الْجِزْيَةِ وَشَقِيقُهَا وَرَضِيعُ لَبَنِهَا عَلَى خَيْرِ بِقَاعِ اللَّهِ وَأَحَبِّهَا إِلَى اللَّهِ وَدَارِ النُّسُكِ، وَمُتَعَبَّدِ الْأَنْبِيَاءِ وَقَرْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي أَخْرَجَتْهُ، وَحَرَمِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأَمْنِهِ وَمَحَلِّ بَيْتِهِ وَقِبْلَةِ أَهْلِ الْأَرْضِ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: «صَحَّتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ افْتَتَحَ مَكَّةَ وَأَنَّهُ مَنَّ عَلَى أَهْلِهَا، فَرَدَّهَا عَلَيْهِمْ فَلَمْ يُقَسِّمْهَا وَلَمْ يَجْعَلْهَا فَيْئًا» فَرَأَى بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ جَائِزٌ لِلْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ.

وَلَا نَرَى مَكَّةَ يُشْبِهُهَا شَيْءٌ مِنَ الْبِلَادِ مِنْ جِهَتَيْنِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ قَدْ خَصَّهُ اللَّهُ مِنَ الْأَنْفَالِ وَالْغَنَائِمِ بِمَا لَمْ يَجْعَلْهُ لِغَيْرِهِ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: ١] ، فَنَرَى هَذَا كَانَ خَاصًّا لَهُ.

وَالْجِهَةُ الْأُخْرَى: أَنَّهُ قَدْ سَنَّ لِمَكَّةَ سُنَنًا لَمْ يَسُنَّهَا لِشَيْءٍ مِنْ سَائِرِ الْبِلَادِ.

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>