للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلِمْتُ عَمَلًا أَخْوَفَ عِنْدِي أَنْ يُدْخِلَنِي اللَّهُ النَّارَ مِنْ عَمَلِكُمْ هَذَا، وَمَا تَرَانِي أَنْ أَكُونَ ظَلَمْتُ فِيهِ مُسْلِمًا أَوْ مُعَاهَدًا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَلَكِنِّي لَا أَدْرِي مَا هَذَا الْحَبْلُ الَّذِي لَمْ يَسُنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ قَالُوا: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ دَخَلْتَ فِيهِ؟ قَالَ: لَمْ يَدَعْنِي زِيَادٌ وَلَا شُرَيْحٌ وَلَا السُّلْطَانُ حَتَّى دَخَلْتُ فِيهِ.

قُلْتُ: هُوَ سِلْسِلَةٌ كَانَ يُعْتَرَضُ بِهَا عَلَى النَّهْرِ تَمْنَعُ السُّفُنَ مِنَ الْمُضِيِّ حَتَّى تُؤْخَذَ مِنْهُمُ الصَّدَقَةُ وَكَانَ مَكَانُهَا يُسَمَّى السِّلْسِلَةَ، وَأَقَامَ بِهَا مَسْرُوقٌ زَمَانًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، كَانَ عَامِلًا لِزِيَادٍ وَكَانَ أَبُو وَائِلٍ مَعَهُ فَمَا رَأَيْتُ أَمِيرًا قَطُّ كَانَ أَعَفَّ مِنْهُ، مَا كَانَ يُصِيبُ شَيْئًا إِلَّا مَا دَخَلَهُ.

وَقِيلَ لِلشَّعْبِيِّ: كَيْفَ خَرَجَ مَسْرُوقٌ مِنْ عَمَلِهِ؟ قَالَ: أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الثَّوْبِ يُبْعَثُ بِهِ إِلَى الْقَصَّارِ فَيُجِيدُ غَسْلَهُ؟ فَكَذَلِكَ خَرَجَ مِنْ عَمَلِهِ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَانَ الْمَكْسُ لَهُ أَصْلٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَفْعَلُهُ مُلُوكُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ جَمِيعًا، فَكَانَتْ سُنَّتُهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مِنَ التُّجَّارِ عُشْرَ أَمْوَالِهِمْ إِذَا مَرُّوا بِهَا عَلَيْهِمْ، يُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا فِي كُتُبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>