قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَالْعَاشِرُ الَّذِي يَأْخُذُ الصَّدَقَةَ بِغَيْرِ حَقِّهَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مَرْفُوعًا وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَكَذَلِكَ وُجِّهَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: " «لَمْ يَأْخُذِ الْعُشُورَ» "، إِنَّمَا أَرَادَ هَذَا وَلَمْ يُرِدِ الزَّكَاةَ، وَكَيْفَ يُنْكَرُ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ عُمَرُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ يَأْخُذُونَهُ عِنْدَ الْأَعْطِيَةِ، وَكَانَ رَأْيُ ابْنِ عُمَرَ دَفْعَهَا إِلَيْهِمْ؟
وَكَذَلِكَ حَدِيثُ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ: " مَا كُنَّا نَعْشُرُ مُسْلِمًا وَلَا مُعَاهَدًا " إِنَّمَا أَرَادَ: أَنَّا كُنَّا نَأْخُذُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رُبُعَ الْعُشْرِ، وَمِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِصْفَ الْعُشْرِ.
قَالَ: وَكَانَ مَذْهَبُ عُمَرَ فِيمَا وَضَعَ مِنْ ذَلِكَ: أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الزَّكَاةَ، وَمِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ الْعُشْرَ تَامًّا ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ مِثْلَهُ إِذَا قَدِمُوا بِلَادَهُمْ فَكَانَ سَبِيلُهُ فِي هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ بَيِّنًا وَاضِحًا.
قَالَ: وَكَانَ الَّذِي يُشْكِلُ عَلَيَّ وَجْهُهُ أَخْذُهُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ فَتُؤْخَذُ مِنْهُمُ الصَّدَقَةُ وَلَا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ مِثْلُ مَا أَخَذُوا مِنَّا، فَلَمْ أَدْرِ مَا هُوَ حَتَّى تَدَبَّرْتُ حَدِيثًا لَهُ فَوَجَدْتُهُ إِنَّمَا صَالَحَ عَلَى ذَلِكَ صُلْحًا سِوَى جِزْيَةِ الرُّءُوسِ وَخَرَاجِ الْأَرَضِينَ.
حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: بَعَثَ عُمَرُ عَمَّارًا وَابْنَ مَسْعُودٍ وَعُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ إِلَى الْكُوفَةِ، ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute