للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ: إِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنَ الذِّمِّيِّ شَيْءٌ حَتَّى يَبْلُغَ مَالُهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُمْ شَبَّهُوهُ بِالصَّدَقَةِ، ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ سَمَّى مَا يَجِبُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ الَّتِي تُدَارُ لِلتِّجَارَاتِ، إِنَّمَا قَالَ: يُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَذَا، وَمِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَذَا، وَمِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ كَذَا، وَلَمْ يُوَقِّتْ فِي أَدْنَى مَبْلَغِ الْمَالِ وَقْتًا.

ثُمَّ قَالُوا: رَأَيْنَاهُ قَدْ ضَمَّ أَمْوَالَ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي حَقٍّ وَاحِدٍ، فَحَمَلْنَا وَقْتَ أَمْوَالِهِمْ عَلَى الزَّكَاةِ، إِذْ كَانَ لِأَدَاءِ الزَّكَاةِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَهُوَ الْمِائَتَانِ فَأَخَذْنَا أَهْلَ الذِّمَّةِ بِهَا وَأَلْقَيْنَا مَا دُونَ ذَلِكَ.

وَأَمَّا مَالِكٌ وَأَهْلُ الْحِجَازِ فَقَالُوا: الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَيْسَ بِزَكَاةٍ فَيُنْظَرُ فِيهِ إِلَى مَبْلَغِهَا وَإِلَى حَدِّهَا، إِنَّمَا هُوَ فَيْءٌ بِمَنْزِلَةِ الْجِزْيَةِ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ رُءُوسِهِمْ أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِمْ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِأَدَاءِ مَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمْ وَقْتٌ يُوَقَّتُ، وَعَلَى ذَلِكَ صُولِحُوا؟

قَالُوا: فَكَذَلِكَ مَا مَرُّوا بِهِ مِنَ التِّجَارَاتِ يُؤْخَذُ مِنْ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا.

وَأَمَّا سُفْيَانُ فِي تَوْقِيتِهِ بِالْمِائَةِ فَإِنَّهُ لَمَّا رَأَى أَنَّ الْمُوَظَّفَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ هُوَ الضِّعْفُ مِمَّا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فِي كُلِّ مِائَتَيْنِ عَشَرَةٌ، جَعَلَ فَرْعَ الْمَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>