للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي الذِّمِّيِّ إِذَا ادَّعَى أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا، وَاخْتِيَارُ سُفْيَانَ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ، وَقَوْلُ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْحِجَازِ إِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ فَإِنَّ الَّذِي أَخْتَارُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ.

فَأَقُولُ: إِنْ كَانَ لَهُ شُهُودٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى دَيْنِهِ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى مَالِهِ سَبِيلٌ ; لِأَنَّ الدَّيْنَ حَقٌّ قَدْ وَجَبَ لِرَبِّهِ عَلَيْهِ وَهُوَ أَوْلَى بِهِ مِنَ الْجِزْيَةِ ; لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ حَقًّا لِلْمُسْلِمِينَ فِي عُنُقِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ يُحْصِي أَهْلَ هَذَا الْحَقِّ، فَيَقْدِرُ عَلَى قَسْمِ مَالِ الذِّمِّيِّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ هَذَا الْغَرِيمِ بِالْحِصَصِ وَلَا يَعْلَمُ كَمْ يُؤْخَذُ مِنْهُ، وَقَدْ عَلِمَ حَقَّ هَذَا الْغَرِيمِ فَلِهَذَا جَعَلْنَاهُ أَوْلَى بِالدَّيْنِ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ دَيْنُ هَذَا الذِّمِّيِّ إِلَّا بِقَوْلِهِ كَانَ مَرْدُودًا غَيْرَ مَقْبُولٍ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ قَدْ لَزِمَهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَهُوَ يُرِيدُ إِبْطَالَهُ بِالدَّعْوَى، وَلَيْسَ بِمُؤْتَمَنٍ فِي ذَلِكَ كَمَا يُؤْتَمَنُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى زَكَوَاتِهِمْ فِي الصَّامِتِ إِنَّمَا هَذَا فَيْءٌ وَحُكْمُهُ غَيْرُ حُكْمِ الصَّدَقَةِ.

وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي مَمَرِّهِ عَلَى الْعَاشِرِ مِرَارًا فِي السَّنَةِ، وَقَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَسُفْيَانَ فِيهِ: إِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَقَوْلُ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْحِجَازِ: إِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ كُلَّمَا مَرَّ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ مِرَارًا - إِذَا كَانَ اخْتِلَافُهُ مِنْ مِصْرٍ إِلَى آخَرَ سِوَاهُ فَإِنَّ الرِّوَايَةَ فِي هَذَا لِلْإِمَامَيْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَدْ كُفِينَا النَّظَرَ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>