وَحَدِيثُ أَبِي عُبَيْدَةَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَرْضَ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، فَإِنَّهُ قَالَ: " «أَخْرِجُوا أَهْلَ نَجْرَانَ وَيَهُودَ أَهْلِ الْحِجَازِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» "، وَكَذَا قَوْلُهُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " «أَخْرِجْ أَهْلَ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» ".
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: جَاءَ أَهْلُ نَجْرَانَ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالُوا: شَفَاعَتُكَ بِلِسَانِكَ، وَكِتَابُكَ بِيَدِكَ، أَخْرَجَنَا عُمَرُ مِنْ أَرْضِنَا فَرُدَّهَا إِلَيْنَا صَنِيعَةً، فَقَالَ: وَيْلَكُمْ إِنَّ عُمَرَ كَانَ رَشِيدَ الْأَمْرِ وَلَا أُغَيِّرُ شَيْئًا صَنَعَهُ عُمَرُ.
قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: قَالَ الْأَعْمَشُ: فَكَانُوا يَقُولُونَ: لَوْ كَانَ فِي نَفْسِهِ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَاغْتَنَمَ هَذَا.
قُلْتُ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْرُهُ بِإِخْرَاجِ أَهْلِ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ لَمْ يَعْتَذِرْ بِأَنَّ عُمَرَ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَكَانَ رَشِيدَ الْأَمْرِ أَوْ لَعَلَّهُ نَسِيَ الْحَدِيثَ أَوْ أَحَالَ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَطْعًا لِمُنَازَعَتِهِمْ وَطَلَبِهِمْ.
فَإِنْ قِيلَ: فَأَهْلُ نَجْرَانَ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ صَالَحَهُمْ وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابَ أَمْنٍ عَلَى أَرْضِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، فَكَيْفَ اسْتَجَازَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute