وَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ مَنْ كَانَ قِبَلَهُ كَاتِبٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَلَا يُعَاشِرْهُ وَلَا يُوَازِرْهُ وَلَا يُجَالِسْهُ وَلَا يَعْتَضِدْ بِرَأْيِهِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ بِاسْتِعْمَالِهِمْ، وَلَا خَلِيفَتُهُ مِنْ بَعْدِهِ.
وَوَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ: أَمَّا بَعْدُ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ فِي عَمَلِي كَاتِبًا نَصْرَانِيًّا لَا يَتِمُّ أَمْرُ الْخَرَاجِ إِلَّا بِهِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُقَلِّدَهُ دُونَ أَمْرِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: عَافَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ قَرَأْتُ كِتَابَكَ فِي أَمْرِ النَّصْرَانِيِّ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ النَّصْرَانِيَّ قَدْ مَاتَ، وَالسَّلَامُ.
وَكَانَ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَبْدٌ نَصْرَانِيٌّ فَقَالَ لَهُ: أَسْلِمْ حَتَّى نَسْتَعِينَ بِكَ عَلَى بَعْضِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَسْتَعِينَ عَلَى أَمْرِهِمْ بِمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ، فَأَبَى، فَأَعْتَقَهُ وَقَالَ: اذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ.
وَكَتَبَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ لِلنَّاسِ نَفْرَةً عَنْ سُلْطَانِهِمْ فَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكَنِي وَإِيَّاكَ، أَقِمِ الْحُدُودَ وَلَوْ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ، وَإِذَا حَضَرَكَ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ وَالْآخَرُ لِلدُّنْيَا فَآثِرْ نَصِيبَكَ مِنَ اللَّهِ، فَإِنَّ الدُّنْيَا تَنْفَدُ وَالْآخِرَةَ تَبْقَى، عُدْ مَرْضَى الْمُسْلِمِينَ وَاشْهَدْ جَنَائِزَهُمْ وَافْتَحْ بَابَكَ وَبَاشِرْهُمْ، وَأَبْعِدْ أَهْلَ الشَّرِّ وَأَنْكِرْ أَفْعَالَهُمْ وَلَا تَسْتَعِنْ فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ بِمُشْرِكٍ، وَسَاعِدْ عَلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ بِنَفْسِكَ، فَإِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ مِنْهُمْ غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَكَ حَامِلًا لِأَثْقَالِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute