مَلُّوكِ الرُّومِ وَسَأَلُوهُ فِي مُكَاتَبَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ يَا عُمَرُ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الشَّعْبَ سَأَلُوا فِي مُكَاتَبَتِكَ لِتُجْرِيَ أُمُورَهُمْ عَلَى مَا وَجَدْتَهَا عَلَيْهِ، وَتُبْقِيَ كَنَائِسَهُمْ، وَتُمَكِّنَهُمْ مِنْ عِمَارَةِ مَا خَرُبَ مِنْهَا، فَإِنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ مَنْ تَقَدَّمَكَ فَعَلَ فِي أَمْرِ كَنَائِسِهِمْ مَا مَنَعْتَهُمْ مِنْهُ، فَإِنْ كَانُوا مُصِيبِينَ فِي اجْتِهَادِهِمْ فَاسْلُكْ سُنَّتَهُمْ، وَإِنْ يَكُونُوا مُخَالِفِينَ لَهَا فَافْعَلْ مَا أَرَدْتَ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ مَنْ تَقَدَّمَنِي كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ: {إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ - فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: ٧٨ - ٧٩] .
وَكَتَبَ إِلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ فِي عَمَلِكَ كَاتِبًا نَصْرَانِيًّا يَتَصَرَّفُ فِي مَصَالِحِ الْإِسْلَامِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: ٥٧] ، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَادْعُ حَسَّانَ بْنَ زَيْدٍ - يَعْنِي: ذَلِكَ الْكَاتِبَ - إِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَسْلَمَ فَهُوَ مِنَّا وَنَحْنُ مِنْهُ، وَإِنْ أَبَى فَلَا تَسْتَعِنْ بِهِ وَلَا تَتَّخِذْ أَحَدًا عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ فِي شَيْءٍ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَسْلَمَ حَسَّانُ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute