للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُلُوكِنَا فِي أَيَّامِ الْفُتُوحِ، فَجَمِيعُ مَا نَأْخُذُهُ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِ مُلُوكِهِمْ وَخُلَفَائِهِمْ حِلٌّ لَنَا، وَبَعْضُ مَا نَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا حَمَلْنَا لَهُمْ مَالًا كَانَتِ الْمِنَّةُ عَلَيْهِمْ وَأَنْشَدَ:

بِنْتُ كَرْمٍ غَصَبُوهَا أُمَّهَا ... وَأَهَانُوهَا فَدِيسَتْ بِالْقَدَمْ

ثُمَّ عَادُوا حَكَّمُوهَا فِيهِمُ ... وَلَنَاهِيكَ بِخَصْمٍ يَحْتَكِمْ

فَاسْتَحْسَنَ الْحَاضِرُونَ مِنَ النَّصَارَى وَالْمُنَافِقِينَ مَا سَمِعُوهُ مِنْهُ، وَاسْتَعَادُوهُ وَعَضُّوا عَلَيْهِ بِالنَّوَاجِذِ حَتَّى قِيلَ: إِنَّ الَّذِي اخْتَاطَّ عَلَيْهِ قَلَمُ اللَّعِينِ مِنْ أَمْلَاكِ الْمُسْلِمِينَ مِائَتَا أَلْفٍ وَاثْنَانِ وَسَبْعُونَ أَلْفًا مَا بَيْنَ دَارٍ وَحَانُوتٍ وَأَرْضٍ بِأَعْمَالِ الدَّوْلَةِ إِلَى أَنْ أَعَادَهَا إِلَى أَصْحَابِهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْأَفْضَلِ، وَمِنَ الْأَمْوَالِ مَا لَا يُحْصِيهِ إِلَّا اللَّهُ.

ثُمَّ انْتَبَهَ الْآمِرُ مِنْ رَقْدَتِهِ، وَأَفَاقَ مِنْ سَكْرَتِهِ، وَأَدْرَكَتْهُ الْحَمِيَّةُ الْإِسْلَامِيَّةُ وَالْغَيْرَةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ، فَغَضِبَ لِلَّهِ غَضَبَ نَاصِرٍ لِلدِّينِ وَبَارٍّ بِالْمُسْلِمِينَ، وَأَلْبَسَ الذِّمَّةَ الْغِيَارَ وَأَنْزَلَهُمْ بِالْمَنْزِلَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَنْزِلُوا بِهَا مِنَ الذُّلِّ وَالصَّغَارِ، وَأَمَرَ أَلَّا يُوَلَّوْا شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِ الْإِسْلَامِ، وَأَنْ يُنْشِئُوا فِي ذَلِكَ كِتَابًا يَقِفُ عَلَيْهِ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ، فَكَتَبَ عَنْهُ مَا نُسْخَتُهُ:

" الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَعْبُودِ فِي أَرْضِهِ وَسَمَائِهِ، وَالْمُجِيبِ دُعَاءَ مَنْ يَدْعُوهُ بِأَسْمَائِهِ، الْمُنْفَرِدِ بِالْقُدْرَةِ الْقَاهِرَةِ الْمُتَوَحِّدِ بِالْقُوَّةِ الظَّاهِرَةِ، وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأَوْلَى وَالْآخِرَةِ، هَدَى الْعِبَادَ بِالْإِيمَانِ إِلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ، وَوَفَّقَهُمْ فِي الطَّاعَاتِ لِمَا هُوَ أَنْفَعُ زَادٍ فِي الْمَعَادِ، وَتَفَرَّدَ بِعِلْمِ الْغُيُوبِ، فَعَلِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>