التَّحْذِيرِ فَقَالَ: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران: ٢٨] .
فَمِنْ ضُرُوبِ الطَّاعَاتِ إِهَانَتُهُمْ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ الَّتِي هُمْ إِلَيْهَا صَائِرُونَ، وَمِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْوَاجِبَةِ أَخْذُ جِزْيَةِ رُءُوسِهِمُ الَّتِي يُعْطُونَهَا عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ.
وَمِنَ الْأَحْكَامِ الدِّينِيَّةِ أَنْ تَعُمَّ جَمِيعَ الذِّمَّةِ إِلَّا مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ بِاسْتِخْرَاجِهَا، وَأَنْ يُعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ عَلَى سُلُوكِ سَبِيلِ السُّنَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَمِنْهَاجِهَا، وَأَلَّا يُسَامَحَ بِهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ وَلَوْ كَانَ فِي قَوْمِهِ عَظِيمًا، وَأَلَّا يُقْبَلَ إِرْسَالُهُ بِهَا وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ زَعِيمًا، وَأَلَّا يُحِيلَ بِهَا عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُوكِّلَ فِي إِخْرَاجِهَا عَنْهُ أَحَدًا مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، وَأَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الذِّلَّةِ وَالصَّغَارِ إِعْزَازًا لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَإِذْلَالًا لِطَائِفَةِ الْكُفَّارِ وَأَنْ تُسْتَوْفَى مِنْ جَمِيعِهِمْ حَقَّ الِاسْتِيفَاءِ. وَأَهْلُ خَيْبَرَ وَغَيْرُهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ.
وَأَمَّا مَا ادَّعَاهُ الْخَيَابِرَةُ مِنْ وَضْعِ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ بِعَهْدٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ ذَلِكَ زُورٌ وَبُهْتَانٌ، وَكَذِبٌ ظَاهِرٌ يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ، لَفَّقَهُ الْقَوْمُ الْبُهُتُ وَزَوَّرُوهُ، وَوَضَعُوهُ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ وَتَمَّمُوهُ، وَظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ يَخْفَى عَلَى النَّاقِدِينَ أَوْ يَرُوجُ عَلَى عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَكْشِفَ حَالَ الْمُبْطِلِينَ وَإِفْكَ الْمُفْتَرِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute