للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهَذِهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ عَنْهُ: رِوَايَةٌ مُطْلَقَةٌ بِالْجَوَازِ، وَرِوَايَةٌ مُصَرِّحَةٌ بِالْمَنْعِ فِي الْخِدْمَةِ خَاصَّةً، وَرِوَايَةٌ مُصَرِّحَةٌ بِالْجَوَازِ فِي الْخِدْمَةِ.

وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ فِي إِجَارَةِ نَفْسِهِ لَهُ لِلْخِدْمَةِ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ إِجَارَةَ نَفْسِهِ مِنْهُ إِجَارَةَ الْعَيْنِ مُطْلَقًا لِلْخِدْمَةِ وَغَيْرِهَا، وَجَوَّزَ إِجَارَةَ نَفْسِهِ مِنْهُ عَلَى عَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ إِجَارَةَ الْخِدْمَةِ خَاصَّةً، وَجَوَّزَ إِجَارَةَ الْعَمَلِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِأَنَّ إِجَارَةَ الْخِدْمَةِ تَتَضَمَّنُ حَبْسَ نَفْسِهِ عَلَى خِدْمَتِهِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ، وَذَلِكَ فِيهِ نَوْعُ إِذْلَالٍ لِلْمُسْلِمِ وَإِهَانَةٍ لَهُ تَحْتَ يَدِ الْكَافِرِ فَلَمْ يَجُزْ، كَبَيْعِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لَهُ.

قَالُوا: وَيُحَقِّقُهُ أَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لِلْخِدْمَةِ يَتَعَيَّنُ فِيهِ حَبْسُهُ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ وَاسْتِخْدَامُهُ، وَالْبَيْعُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ ذَلِكَ، فَإِذَا مُنِعَ مِنْهُ فَالْمَنْعُ مِنَ الْإِجَارَةِ أَوْلَى.

قَالُوا: وَلِأَنَّهَا بَيْعُ مَنَافِعِهِ، وَالْمَنَافِعُ تَجْرِي مَجْرَى الْأَعْيَانِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ رَقَبَتِهِ وَلَا بَعْضِهَا وَلَا مَنَافِعِهِ مِنَ الذِّمِّيِّ.

قَالُوا: وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ عَلَى الذِّمَّةِ، فَإِنَّهَا لَمْ تَتَضَمَّنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هِيَ الْتِزَامٌ لِعَمَلٍ مَضْمُونٍ فِي الذِّمَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>