قَالَ الْخَلَّالُ: وَإِذَا كَانَ يُكْرَهُ بَيْعُهَا مِنْ فَاسِقٍ فَكَذَلِكَ مِنْ كَافِرٍ، وَإِنْ كَانَ الذِّمِّيُّ يُقَرُّ وَالْفَاسِقُ لَا يُقَرُّ لَكِنْ مَا يَفْعَلُهُ الْكَافِرُ فِيهَا أَعْظَمُ، وَهَكَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَدْ ذَكَرَ قَوْلَ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ: لَا أَرَى أَنْ يَبِيعَ دَارَهُ مِنْ كَافِرٍ يَكْفُرُ بِاللَّهِ فِيهَا، يَبِيعُهَا مِنْ مُسْلِمٍ أَحَبُّ إِلَيَّ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ عِنْدَهُ فَإِذَا أَجَازَ الْبَيْعَ أَجَازَ الْإِجَارَةَ، وَإِذَا مَنَعَ الْبَيْعَ مَنَعَ الْإِجَارَةَ، وَوَافَقَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ شَيْخُنَا: وَتَلْخِيصُ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ: أَمَّا بَيْعُ دَارِهِ مِنْ كَافِرٍ فَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْعَ أَحْمَدَ مِنْهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ هَلْ هَذَا تَنْزِيهٌ أَوْ تَحْرِيمٌ؟ فَقَالَ الشَّرِيفُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي مُوسَى: كَرِهَ أَحْمَدُ أَنْ يَبِيعَ مُسْلِمٌ دَارَهُ مِنْ ذِمِّيٍّ يَكْفُرُ فِيهَا بِاللَّهِ تَعَالَى، وَيَسْتَبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ، فَإِنْ فَعَلَ أَسَاءَ وَلَمْ يَبْطُلِ الْبَيْعُ.
وَكَذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ الْآمِدِيُّ أَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهَا.
وَأَمَّا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ وَالْقَاضِي فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ تَحْرِيمُ ذَلِكَ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فَقَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَاجِرَ دَارَهُ أَوْ بَيْتَهُ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ كَنِيسَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ، أَوْ يَبِيعُ فِيهِ الْخَمْرَ، سَوَاءٌ شَرَطَ أَنَّهُ يَبِيعُ فِيهِ الْخَمْرَ أَمْ لَمْ يَشْرُطْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute