للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِحْدَاهَا: أَنَّ الشُّفْعَةَ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، فَلَا حَقَّ لِلذِّمِّيِّ فِيهَا، وَنُكْتَةُ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ الشُّفْعَةَ مِنْ حَقِّ الْمَالِكِ لَا مِنْ حَقِّ الْمِلْكِ.

الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ، وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ» " وَتَقْرِيرُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ حَقًّا فِي الطَّرِيقِ الْمُشْتَرَكِ عِنْدَ تَزَاحُمِهِمْ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَكَيْفَ يُجْعَلُ لَهُمْ حَقًّا إِلَى انْتِزَاعِ مِلْكِ الْمُسْلِمِ مِنْهُ قَهْرًا؟ بَلْ هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنِ انْتِزَاعِ الْأَرْضِ مِنْ يَدِ الْمُسْلِمِ وَإِخْرَاجِهِ مِنْهَا لِحَقِّ الْكَافِرِ، لِنَفْيِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ عَنْهُ، وَضَرَرُ الشَّرِكَةِ عَلَى الْكَافِرِ أَهْوَنُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ تَسْلِيطِهِ عَلَى إِزَالَةِ مِلْكِ الْمُسْلِمِ عَنْهُ قَهْرًا.

الدَّلِيلُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا يَجْتَمِعُ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» "، وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكَمَ بِإِخْرَاجِهِمْ مِنْ أَرْضِهِمْ وَنَقْلِهَا إِلَى الْمُسْلِمِينَ، لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ، فَكَيْفَ نُسَلِّطُهُمْ عَلَى انْتِزَاعِ أَرَاضِي الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ قَهْرًا وَإِخْرَاجِهِمْ مِنْهَا؟

وَأَيْضًا، فَالشُّفْعَةُ حَقٌّ يَخْتَصُّ بِالْعَقَارِ، فَلَا يُسَاوِي الذِّمِّيُّ فِيهِ الْمُسْلِمَ كَالِاسْتِعْلَاءِ فِي الْبُنْيَانِ، يُوَضِّحُهُ أَنَّ الِاسْتِعْلَاءَ تَصَرُّفٌ فِي هَوَاءِ مِلْكِهِ الْمُخْتَصِّ بِهِ، فَإِذَا مُنِعَ مِنْهُ فَكَيْفَ يُسَلَّطُ عَلَى انْتِزَاعِ مِلْكِ الْمُسْلِمِ بِهِ قَهْرًا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>