للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَالْوَقْفُ عَلَى قَنَادِيلِ الْبِيعَةِ وَفُرُشِهَا وَمَنْ يَخْدِمُهَا وَيَعْمُرُهَا كَالْوَقْفِ عَلَيْهَا ; لِأَنَّهُ يُرَادُ لِتَعْظِيمِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَاقِفُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا.

قَالَ أَحْمَدُ فِي نَصَارَى وَقَفُوا عَلَى الْبِيعَةِ ضِيَاعًا كَثِيرَةً، وَمَاتُوا وَلَهُمْ أَبْنَاءٌ نَصَارَى فَأَسْلَمُوا وَالضِّيَاعُ بِيَدِ النَّصَارَى: فَلَهُمْ أَخْذُهَا وَلِلْمُسْلِمِينَ عَوْنُهُمْ يَسْتَخْرِجُونَهَا مِنْ أَيْدِيهِمْ.

قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.

الْأَمْرُ الثَّالِثُ الَّذِي تَضَمَّنَهُ جَوَابُهُ: جَوَازُ التَّخْصِيصِ بِقَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ وَبِالْقَرَائِنِ، وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِينَ وَالْمُوصِينَ وَالْمُقِرِّينَ كَمَا هُوَ أَصْلُهُ فِي أَيْمَانِ الْحَالِفِينَ.

وَالْوَاجِبُ طَرْدُ هَذَا الْأَصْلِ فِي كَلَامٍ لِلْمُكَلِّفِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ، فَإِنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مُوجَبُهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى قَصْدِ صَاحِبِهِ، فَإِذَا ظَهَرَ قَصْدُهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْدَلَ عَنْهُ إِلَى عُمُومِ كَلَامِهِ وَإِطْلَاقِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ غَلَطٌ وَتَغْلِيطٌ، وَجَمِيعُ الْأُمَمِ عَلَى اخْتِلَافِ لُغَاتِهَا تُرَاعِي مَقَاصِدَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَإِرَادَاتَهُمْ وَقَرَائِنَ كَلَامِهِمْ، وَلَوْ سُئِلَ أَحَدُهُمْ عَنْ جَارِيَتِهِ وَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا فَاجِرَةٌ، فَقَالَ: كَلَّا، بَلْ هِيَ عَفِيفَةٌ حُرَّةٌ لَمْ يَشُكُّوا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ عِتْقَهَا وَلَا خَطَرَ بِبَالِهِ، فَإِلْزَامُهُ بِعِتْقِهَا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ خَطَأٌ، وَاللَّفْظُ إِنَّمَا يَكُونُ صَرِيحًا إِذَا تَجَرَّدَ عَنِ الْقَرَائِنِ الصَّارِفَةِ لَهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَلِهَذَا لَوْ وَصَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>