للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ أَسْلَمَ خَلْقٌ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنِسَاؤُهُمْ، وَأُقِرُّوا عَلَى أَنْكِحَتِهِمْ، وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شُرُوطِ النِّكَاحِ، وَلَا عَنْ كَيْفِيَّتِهِ، وَهَذَا أَمْرٌ عُلِمَ بِالتَّوَاتُرِ، وَالضَّرُورَةِ، فَكَانَ يَقِينًا.

ثُمَّ قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ: الْمُعْتَبَرُ أَنْ يَتَلَفَّظَا بِالْإِسْلَامِ تَلَفُّظًا وَاحِدًا، يَكُونُ ابْتِدَاءُ أَحَدِهِمَا مَعَ ابْتِدَاءِ صَاحِبِهِ، وَانْتِهَاؤُهُ مَعَ انْتِهَائِهِ.

وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَلَمْ يَدُلَّ عَلَى ذَلِكَ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ، وَلَا اشْتَرَطَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ قَطُّ، وَلَا اعْتَبَرَهُ فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ مَعَ كَثْرَةِ مَنْ أَسْلَمَ فِي حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَمْ يَقُلْ يَوْمًا وَاحِدًا لِرَجُلٍ أَسْلَمَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ: " تَلَفَّظَا بِالْإِسْلَامِ تَلَفُّظًا وَاحِدًا لَا يَسْبِقُ أَحَدُكُمَا الْآخَرَ "، وَهَلْ هَذَا إِلَّا مِنَ التَّكَلُّفِ الَّذِي أَلْغَتْهُ الشَّرِيعَةُ وَلَمْ تَعْتَبِرْهُ؟ وَلَيْسَ لِهَذَا نَظِيرٌ فِي الشَّرِيعَةِ، بَلْ إِذَا أَسْلَمَا فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ فَقَدِ اجْتَمَعَا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَا يُؤَثِّرُ سَبْقُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ بِالتَّلَفُّظِ بِهِ. وَهَذَا اخْتِيَارُ شَيْخِنَا.

وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ أَسْلَمَ الْآخَرُ بَعْدَهُ فَاخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا.

فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مَتَى أَسْلَمَتِ الْمَرْأَةُ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ كِتَابِيَّةً، أَوْ غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ، وَسَوَاءٌ أَسْلَمَ بَعْدَهَا بِطَرْفَةِ عَيْنٍ، أَوْ أَكْثَرَ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا إِلَّا بِأَنْ يُسْلِمَا مَعًا فِي آنٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ أَسْلَمَ هُوَ قَبْلَهَا انْفَسَخَ نِكَاحُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>