للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا ادِّعَاءُ نَسْخِ الْحَدِيثِ فَأَبْعَدُ وَأَبْعَدُ، فَإِنَّ شُرُوطَ النَّسْخِ مُنْتَفِيَةٌ، وَهِيَ وُجُودُ الْمُعَارِضِ، وَمُقَاوَمَتُهُ، وَتَأَخُّرُهُ، فَأَيْنَ مَعَكُمْ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ؟

وَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا دَعْوَى أَنْ يَكُونَ النَّاسِخُ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: ٢٢٨] ، فَإِنَّ هَذَا فِي الْمُطَلَّقَاتِ الرَّجْعِيَّاتِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: أَنَّ إِسْلَامَ الْمَرْأَةِ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ يَكُونُ بَعْلُهَا أَحَقَّ بِرَدِّهَا فِي عِدَّتِهَا، وَالَّذِينَ يَحْكُمُونَ بِالْفُرْقَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا يُوقِعُونَهَا مِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ حِينِ التَّطْلِيقِ، وَيَكُونُ لِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ.

وَأَمَّا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ: " إِنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْفَرَائِضُ "، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ، فَيُقَالُ: وَأَيْنَ النَّاسِخُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ سُنَّةِ رَسُولِهِ؟ فَإِنْ قَالَ: النَّاسِخُ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠] ، فَيُقَالُ: هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ، وَرَدُّ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَّا قَدِمَ مِنَ الشَّامِ فِي زَمَنِ الْهُدْنَةِ، وَلِهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>