قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَيَجِيءُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُمْ، وَبَيْنَ نِكَاحِ مَحَارِمِهِمْ، فَإِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَتَبَ " أَنْ فَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مِنَ الْمَجُوسِيِّ "، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي مَجُوسِيٍّ مَلَكَ أَمَةً نَصْرَانِيَّةً: يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَيُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا؛ لِأَنَّ النَّصَارَى لَهُمْ دِينٌ فَإِنْ مَلَكَ نَصْرَانِيٌّ مَجُوسِيَّةً فَلَا بَأْسَ أَنْ يَطَأَهَا، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ
[عَبْدُ الْعَزِيزِ] : لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا أَيْضًا لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الضَّرَرِ.
قُلْتُ: لَمْ يَمْنَعْ أَحْمَدُ مِنْ تَزَوُّجِ الْمَجُوسِيِّ بِالنَّصْرَانِيَّةِ لِمَا يَلْحَقْنَا مِنَ الضَّرَرِ بِتَحْرِيمِ ابْنَتِهَا عَلَيْنَا، وَلَا خَطَرَ هَذَا التَّعْلِيلُ بِبَالِ أَحْمَدَ! وَأَيُّ ضَرَرٍ عَلَيْنَا فِي تَرْكِ نِكَاحِ نِسَائِهِمْ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَوْ كَانَ التَّسَبُّبُ إِلَى تَحْرِيمِ الْبِنْتِ ضَرَرًا عَلَيْنَا لَكَانَ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِ نِسَائِهِمْ مُطْلَقًا ضَرَرٌ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْنَا بِحَمْدِ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَإِنَّمَا مَأْخَذُ أَحْمَدَ أَنَّ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ خَيْرٌ مِنْ دِينِ الْمَجُوسِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُمَكَّنَ الْمَجُوسِيُّ وَالْوَثَنِيُّ أَنْ يَعْلُوَ امْرَأَةً دِينُهَا خَيْرٌ مِنْهُ كَمَا لَا يُمَكَّنُ الذِّمِّيُّ مِنْ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ وَعَلَى هَذَا فَلَا يُمْنَعُ النَّصْرَانِيُّ مِنْ تَزْوِيجِ الْمَجُوسِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى دِينًا مِنْهَا، وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْنَا نَحْنُ نِكَاحُهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِهَا عَلَيْنَا تَحْرِيمُهَا عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَلَّا نُقِرَّهُمْ عَلَى نِكَاحِهَا كَمَا نُقِرُّهُمْ عَلَى أَكْلِ الْخِنْزِيرِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ.
وَإِذَا أَقْرَرْنَا الْمَجُوسَ عَلَى نِكَاحِ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِمْ فَإِقْرَارُ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى مُنَاكَحَتِهِمْ أَوْلَى وَأَحْرَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute