وَأَمَّا حُكْمُ الْوَلَدِ هَلْ يَتْبَعُ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ، فَالْوَلَدُ يَتْبَعُ خَيْرَ أَبَوَيْهِ دِينًا، فَإِنْ نَكَحَ الْكِتَابِيُّ مَجُوسِيَّةً فَالْوَلَدُ كِتَابِيٌّ، وَإِنْ وَطِئَ مَجُوسِيٌّ كِتَابِيَّةً بِشُبْهَةٍ، فَالْوَلَدُ كِتَابِيٌّ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَهُودِيًّا وَالْآخَرُ نَصْرَانِيًّا، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ نَصْرَانِيًّا، وَصَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّ النَّصَارَى تُؤْمِنُ بِمُوسَى، وَالْمَسِيحِ، وَالْيَهُودَ تَكْفُرُ بِالْمَسِيحِ، فَالنَّصَارَى أَقْرَبُ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَالْيَهُودُ خَيْرٌ مِنْ مُنْكِرِي النُّبُوَّاتِ، كُلَّمَا كَانَ إِيمَانُ الرَّجُلِ بِالنُّبُوَّاتِ أَكْثَرَ كَانَ خَيْرًا مِمَّنْ يُنْكِرُ مَا صَدَّقَ بِهِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْيَهُودَ بَعْدَ مَبْعَثِ عِيسَى خَرَجُوا عَنْ شَرِيعَةِ مُوسَى، وَعِيسَى جَمِيعًا، فَإِنَّ شَرِيعَةَ مُوسَى مُوَقَّتَةٌ بِمَجِيءِ الْمَسِيحِ، فَكَانَ يَجِبُ عَلَيْهِمُ اتِّبَاعُهُ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} [المائدة: ٨٢] ، وَلِذَلِكَ أَبْقَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِلنَّصَارَى مَمْلَكَةً فِي الْعَالَمِ، وَسَلَبَ الْيَهُودَ مُلْكَهُمْ وَعِزَّهُمْ بِالْكُلِّيَّةِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute