مِنْ أَرْبَعٍ، وَنِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ، وَكَذَلِكَ مَا مَضَى مِنْ بِيَاعَاتِهِمْ وَسَائِرِ عُقُودِهِمْ، وَمَوَارِيثِهِمْ، وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِهِ وَسِيرَتِهِ.
فَإِنْ لَمْ يَتَقَابَضَا، ثُمَّ أَسْلَمَا، أَوْ تَرَافَعَا إِلَيْنَا، فَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى صَحِيحًا حَكَمْنَا لَهَا بِهِ، أَوْ بِنِصْفِهِ حَيْثُ يَتَنَصَّفُ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بَطَلَتْ تَسْمِيَتُهُ، وَلَمْ نَحْكُمْ بِهِ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ: بِمَاذَا نَحْكُمُ لَهَا بِهِ؟ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَصْحَابُهُمَا: لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ نِصْفُهُ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ بَطَلَتْ بِالْإِسْلَامِ، فَصَارَتْ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ، فَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ كَالتَّعْوِيضِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ كَانَ صَدَاقُهَا خَمْرًا، أَوْ خِنْزِيرًا مُعَيَّنَيْنِ فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُعَيَّنَيْنِ، فَلَهَا فِي الْخَمْرِ الْقِيمَةُ، وَفِي الْخِنْزِيرِ مَهْرُ الْمِثْلِ اسْتِحْسَانًا، قَالُوا: لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي ذَلِكَ ثَابِتٌ فِي حَالِ الْكُفْرِ، وَمَعْنَى " الْيَدِ " - وَهُوَ التَّصَرُّفُ - ثَابِتٌ أَيْضًا، وَالْمُتَخَلِّفُ بِالْإِسْلَامِ صُورَةُ الْيَدِ، وَالْمُسْلِمُ غَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْ إِثْبَاتِ الْيَدِ صُورَةً، وَالَّذِي يَمْتَنِعُ إِثْبَاتُ الْيَدِ الصُّورِيَّةِ.
وَأَيْضًا فَإِذَا عَيَّنَا خَمْرًا، أَوْ خِنْزِيرًا أُجْرِيَ تَعْيِينُهُ مَجْرَى قَبْضِهِ لِتَمَكُّنِهَا بِالْمُطَالَبَةِ مَتَى شَاءَتْ، وَلِإِقْرَارِنَا لَهُمْ عَلَى تَعْيِينِهِ، وَالتَّعَاقُدِ عَلَيْهِ.
وَسِرُّ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ لَهَا حَقَّ الْقَبْضِ فِي الْعَيْنِ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ تُعَيِّنْ فَلَيْسَ لَهَا حَقُّ الْقَبْضِ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجِبُ فِي الْخَمْرِ الْقِيمَةُ، وَفِي الْخِنْزِيرِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ فِيهِمَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَهَا الْقِيمَةُ فِيهِمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute