للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُنْ مَانِعًا لَمْ يُمْنَعْ فِي حَقِّ قَرَابَةِ الْكَلَالَةِ، كَالرِّقِّ، وَالْغِنَى.

فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ مَانِعًا فِي قَرَابَةٍ دُونَ قَرَابَةٍ فَلَا وَجْهَ لَهُ، وَلَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِتَأَكُّدِ الْقَرَابَةِ؛ لِأَنَّ الْأَخَ وَالْأُخْتَ أَقْرَبُ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ.

وَالَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ وُجُوبُ الْإِنْفَاقِ، وَإِنِ اخْتَلَفَ الدِّينَانِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [العنكبوت: ٨] {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] ، وَلَيْسَ مِنَ الْإِحْسَانِ وَلَا مِنَ الْمَعْرُوفِ تَرْكُ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فِي غَايَةِ الضَّرُورَةِ، وَالْفَاقَةِ، وَهُوَ فِي غَايَةِ الْغِنَى، وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - قَاطِعِي الرَّحِمِ، وَعَظَّمَ قَطِيعَتَهَا، وَأَوْجَبَ حَقَّهَا وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً، قَالَ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: ١] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} [الرعد: ٢٥] ، وَفِي الْحَدِيثِ: " «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ» "، " «وَالرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِسَاقِ الْعَرْشِ تَقُولُ: يَا رَبِّ، صِلْ مَنْ وَصَلَنِي، وَاقْطَعْ مَنْ قَطَعَنِي» "، وَلَيْسَ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ تَرْكُ الْقَرَابَةِ تَهْلَكُ جُوعًا، وَعَطَشًا، وَعُرْيًا، وَقَرِيبُهُ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ مَالًا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَاجِبَةٌ وَإِنْ كَانَتْ لِكَافِرٍ، فَلَهُ دِينُهُ وَلِلْوَاصِلِ دِينُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>